القائد أفندي
▪️مقال للأستاذ/ محمد محفوظ بن سميدع
يعد القائد احمد عبدالله بن طالب الكثيري ،،أفندي،، من أقدم الضباط الحضارم في جيش النظام القعيطي الحضرمي ــ حيث كانت حضرموت تحكمها الدولة القعيطية والكثيرية في القرن المنصرم ــ وأكثرهم خبرة ودراية في العلوم العسكرية التي اكتسبها من خلال خدمته في الجيش العثماني الذي شارك معه في الحرب العالمية الأولى ويتمتع بخبرة إدارية كبيرة وعمل على ترتيب الكثير من الإدارات العسكرية بحضرموت وتولى العديد من المناصب في القوات المسلحة القعيطية الحضرمية منها قيادة عدد من السرايا وتولى قيادة سلاح المدفعية لفترة من الزمن وأفاد السلاح بما لدية من الخبرات المتراكمة وتولى رئاسة الأركان في جيش المكلا النظامي شارك مع رفيقه القائد صالح بن يسلم بن سميدع في معركة العقلة ضمن القوات المشتركة لطرد عامل الإمام علي ناصر القردعي الذي احتل منطقة العقلة الحضرمية وتم طرده منها واعتقاله .
كما تولّى قيادة سلاح الجمارك وخفر السواحل وعمل على تنظيمها وإدخال عناصر جديدة لها فهو لا يدخل إدارة إلا ويضع بصمته فيها رجل له خبرة كبيرة، وعندما قرر القائد بن سميدع الذهاب للإجازة ذكر في تقريره أن القائد أفندي يعد أقدم الضباط وهو أحق أن يكون محله في قيادة القوات القعيطية الحضرمية لولا كبر سنه وعدم قدرته على الحركة والتنقل أما الإدارة فهو الأجدر هكذا وصفه بن سميدع وهي شهادة بأنه الأقدم .
وكان القائد صالح بن سميدع يعتمد عليه في الكثير من الأعمال الإدارية في قيادة القوات المسلحة مكتب القائد العام بل يعتبره مستشار خاصأ له وتربطهما علاقة متينة وقوية وكان رحمه الله ضخم الجثة وصاحب صوت جهوري ولقب أفندي أنعم عليه من قبل الدولة العثمانية نظير خدماته وتفانيه في صفوف الجيش العثماني إبان الحرب العالمية الأولى مع الجيش العثماني وظل هذا اللقب يلازمه حتى وفاته .
انظم للجيش القعيطي الحضرمي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية، برتبة عريف لما يملكه من شهادات وأوسمة عسكرية سابقة من الجيش العثماني في نهاية العشرينات من القرن الماضي وظل فيه حتى أحيل إلى التقاعد في العام 1964م بعد خدمة طويلة وجليلة قدّم فيها عصارة خبرته وجهده لخدمة وطنه حضرموت وكان يصفه السلطان صالح القعيطي ،،بالجوكر،، لما يتحلى به من صفات ومؤهلات كان ياور عسكري(ياور: كلمة تركية تعني مرافق او مساعد) للسلطان عوض بن صالح لفترة من الزمن ومسئول عسكري في القصر السلطاني.
القائد أحمد عبدالله بن طالب الكثيري ،،أفندي،، من مواليد العام 1890م في منطقة قريو بالقرب من الحوطة لم ينجب أطفال يجيد اللغة الإنجليزية والتركية بطلاقة.
كان القائد صالح بن سميدع يصطحبه في الدوريات خارج العاصمة المكلا وفي أحد الدوريات في صوط بلعبيد كانوا في ضيافة أحد المقادمة وكانوا معجبين بشخصية أفندي وضخامة جسمه وكان البرد قارس جدا وكان رحمه الله يلبس ثياب خفيفة وغير عابئ ببرودة الطقس فطلب منه أحد المقادمة أن ينام في الجول ويعطيه فراش فقط من غير غطاء طالما أنه لديه القدرة على تحمل برودة الطقس، .قبل أفندي الرهان مقابل أن يقدم له نصف رأس لحم مضبي وقرف عسل بغية .
تم الاتفاق وقدموا له نصف رأس لحم مضبي وقرف عسل بغية وبالفعل فرشوا له في الجول تناول أفندي نصف الرأس وقرف عسل وبعد أن أجهز عليه ذهب للجول للنوم في الجول وسط ذهول الحضور من شدة البرد..!!
وفي الصباح ذهبوا إلى الجول وجدوا أفندي جالس ويدخّن سيجارة لف أبوجمل ذهلوا جمعيا من قدرة تحمل أفندي وعادوا به إلى مجلس المقدم الذي بدوره قدم جنبيته هدية للأفندي إعجابا به ومجلادته وعندها قال المقدم للقائد بن سميدع “من معه واحد كما أفندي ماحد بايعمد سده”.
رحم الله القائد احمد عبدالله بن طالب الكثيري أفندي الذي وافته المنية في العام 1977م في مسقط رأسه في وادي حضرموت قرية قريو.