أصلحوا ذات بينكم يا أهل حضرموت
لقد شرع الله القصاص كعامل ردع لكل من تسول له نفسه التعدي على النفس التي حرم الله قتلها وحفظا للأرواح والدماء قال سبحانه (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
فمن قتل غيره بغير حق فلورثته القصاص من القاتل بالشروط المعتبرة شرعاً عن طريق الدولة والقضاء، أما أن يتعدى هذا على هذا وهذا على هذا بغير نظام شرعي وبغير أمر شرعي فهذا يفضي إلى الفساد والفتن وسفك الدماء بغير حق .
خاصة في المجتمعات القبلية ترتكب جرائم بشعة باسم الثأر يذهب ضحيتها أبرياء يقول سبحانه (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
ولقد حث الله على العفو والصبر والاحتساب (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ).
ومن قُتل له قتيل في ظل غياب الدولة والقانون، فما عليه سوى الصبر والاحتساب، أو السعي لأخذ حقه حسب الطرق المتعارف عليها في العرف القبلي، فهو أفضل من إشعال نار قتل ودماء قد تطال أفراداً آخرين أبرياء من عائلته ومن الطرف الاخر، وعسى بالصبر أن يفتح الله له أبواباً مغلقة ويأتي بالفرج أو يحدث بعد ذلك أمرا.
ومتى جاء ذكر الثأر يأتي ذكر عمل عظيم وفعل ممدوح ألا وهو إصلاح ذات البين وهو سعي فرد أو جماعة لصلح بين أولياء الدم والقاتل أو وليه ، يعد إصلاح ذات البين من مكارم الأخلاق العظيمة، فقد حث عليها الشرع في أكثر من مناسبة، كما في قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) .
ولأهمية هذه العمل جعل لها جزءا من مصارف الزكاة، تصرف على الغارمين الذين يسعون للإصلاح بين الناس، قال صلى الله عليه وسلم:(أفضلُ الصدقةِ إصلاحُ ذاتِ البينِ).
الإصلاح بين الناس عبادة عظيمة، والمصلـح هو ذلك الإنسان الذي يبذل جهده وماله وجاهه وسلطته ليصلح بين المتخاصمين، وهو شخص يتصف بأن نفسه تحب الخير وتشتاق إليه، فلا يهمه رأي هذا ولا غمز ذاك ما دام يعمل لله وإرضاء له، فيقع في حرج مع هذا وذاك، ويحمل هموم إخوانه؛ ليصلح بين اثنين فهنيئاً لمـن وفقـه الله للإصلاح .
وللصلح آداب ذكرت على المُصلح أن يتذكرها لكي يوفقه الله :
1.أن يخلص النية لله
2.وعليه أيضاً أن يتحرّى العدل
3.ليكن صلحه مبنياً على علم شرعي، ومشاورة العلماء
4.لا يتعجل في حكمه ويتريَّث
5.عليه أن يختار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين؛ وينتظر حتى ينطفئ نار الغضب وتخف حدة النزاع
6.التلطُّف في العبارات
ونسأل الله أن يلطف بعباده ويحقن الدماء ويجعل قلوبنا لينة وأن يكون تسامحنا اقوى من البغضاء والكراهية والحقد.
كتبه /عادل بن طالب