الثلاثاء , مارس 4 2025

الأشغال العامة فاعل مباشر في جرائم ضد الوطن والمواطن

 

 

الأشغال العامة فاعل مباشر في جرائم ضد الوطن والمواطن

مقال/ عبدالحكيم الجابري:

تحتل وزارات الأشغال العامة أهمية كبيرة في قوام القطاعات والتشكيلات الحكومية في جميع بلدان العالم، كونها الجهة المنوط بها القيام بالعديد من المهام والأعمال ذات الصلة بالتنمية العامة والخدمات، فهي المعنية بالتطوير والارتقاء بالبيئة السكنية في الحضر والريف، والتخلص من التجمعات السكنية العشوائية، وكذلك المناطق المتدهورة عمرانيا، وتفعيل دور قطاع البناء والتشييد في الاقتصاد الوطني، ومشاركته في حل مشاكل البطالة وتوفير فرص عمل، ما يجعل هذا القطاع بغض النظر عن اختلاف مسمياته بين دولة وأخرى، أحد أهم أعمدة التنمية والاقتصاد لأي بلد.

بالاطلاع على اللائحة التنظيمية لوزارة الأشغال العامة والطرق في بلادنا، سنتعرف على المهام والصلاحيات الكبيرة التي تحظى بها هذه الوزارة، والأدوار المنوطة بها، يؤكد أهميتها وبأنها عمود فقري لأي تطور وتنمية، إلا إن القائمين عليها وكغيرها من الوزارات في بلادنا، لا يأبهون لكل ذلك، ولا يقدرون أهمية هذه الوزارة، وحجم ما عليها من مسؤليات ومهام، فمدراء وموظفي إدارات الوزارة ومكاتبها في المحافظات، لا يقومون من كل تلك المهام والصلاحيات إلا بالقليل جدا، وتركز همهم على ثلاثة أمور فقط، هي صرف تراخيص البناء، وتنظيم الأسواق، والرقابة الغذائية، حتى هذه المجالات فيها عيوب ومخالفات، بل إنها تجعل وزارة الأشغال العامة مجرد كيان فارغ، ومساهم بشكل أساسي في تعطيل التنمية، وفسادها وتقصير موظفيها جعلهم يرتكبون جرائم جماعية في حق الوطن والمواطنين.

ففي المجالات المذكورة لنشاط واهتمام إدارات وزارة الأشغال والطرق، سنجد انها أنشطة مشوهة، بل إنها عبارة عن بيئة يمارس فيها الموظفون فسادهم، وتحقيق كسب مالي غير مشروع، ففي مجال صرف تراخيص البناء، تقوم إدارات الأشغال في المحافظات والمديريات، بصرف هذه التراخيص بدون الالتزام بأبسط المعايير الفنية للمنشئات، ولا ينظرون الى ما إذا كانت مخالفة للمخططات العامة للمدن والتجمعات السكنية، الأمر الذي تسبب في حدوث كوارث عدة، ونشهد كل عام ما تخلفه الأمطار والسيول من خسائر بشرية ومادية، خسائر كبيرة تحدث في كل موسم للأمطار في العديد من المحافظات، خاصة في المدن لاسباب تعود للبناء العشوائي، وإغلاق مجاري السيول بالأبنية، وعدم وجود مصارف للمياه في الشوارع والساحات، تفيض بذلك المياه وتحدث تلك الكوارث.

أما في مجال تنظيم الأسواق، فإن إدارات ومكاتب الأشغال العامة في المدن والمناطق التي تعمل فيها، تمارس أقبح الاستغلال بحق اصحاب المحلات والباعة، ويمارس موظفوها الفساد بصورة مقززة، إذ يستغلون صلاحياتهم للتكسب من أصحاب المحلات التجارية، كما إن الباعة الصغار يتعرضون للابتزاز، ما يضطر كل هؤلاء الدفع لموظفي الأشغال مقابل الاستمرار في مخالفاتهم، والنتيجة هي ما نشاهد من فوضى عارمة في أسواقنا، علاوة على ضياع مليارات الريالات من الرسوم والإيرادات، التي كان يجب توريدها للخزينة العامة، ومن ثم توجيهها نحو التنمية، وهي جرائم تستوجب المسائلة عليها جميع المنتسبين لوزارة الأشغال العامة، وفي مقدمتهم الوزير وكبار المسؤلين في الوزارة، وأن تتم محاكمتهم على جرائم هدر المال العام، واستغلال وظائفهم في كسب المال غير المشروع.

أما المجال الثالث والمتعلق بالمراقبة الغذائية، ففي ذلك الشر الأكبر والجرم الأخطر، اذ تعج أسواقنا بالمواد والسلع التالفة، وغير الصالحة للاستخدام الآدمي، ومنها ما قد انتهت فترة صلاحيته وسوء الخزن، وأخرى مليئة بالسموم والمواد الكيماوية، ويغض موظفو الأشغال العامة الأنظار عن كل ذلك، ويتعاملون مع هذا الأمر الخطير على حياة الناس بكثير من التساهل والإهمال، واذا أضفنا الى كل ما تقدم اهمال وزارة الأشغال العامة والطرق وفروعها في المحافظات ومكاتبها في المديريات، لمسؤلياتها عن الطرق والجسور، وما يشهده هذا القطاع من تدهور، باتت فيه طرقاتنا سببا في وقوع الحوادث اليومية، وازهاق أرواح المواطنين واتلاف مركباتهم ممتلكاتهم، لغياب الصيانة لجميع الطرق، وتهدّم الطرق والجسور وامتلائها بالحفر، يجعل وزارة الأشغال العامة والطرق فاعلة حقيقية في جرائم قتل المواطنين وخسائرهم المادية، بالإضافة إلى الخسائر في الممتلكات العامة والاضرار بالاقتصاد الوطني.

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

الرد على المناظرة الشهيرة في مجلس السفّاح يا يماني مالك ورجال مضر ؟

الرد على المناظرة الشهيرة في مجلس السفّاح يا يماني مالك ورجال مضر ؟ اشتهرت في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *