الخميس , نوفمبر 21 2024

هموم حضرمية بوح البداية

أمي الغالية حضرموت، لقد كبرت وأصبحت في العشرينيات من عمري، بعد رحلة لم تكن سهلة، تجاوزت فيها الصعوبات وعانيت كثيراً خصوصاً لأنني فتاة ريفية، تمرَدت على ظروفها وواصلت تعليمها ، مُعلنة التحدي للمقولة المشهورة لن “تجلسي على كرسي”.

حضرموت أنت بالنسبة لي أمي التي أهرع إلى حضنها، عندما تحاصرني عصابات الخوف ولصوص الأمل.

أنت معلمتي ومربيتي التي وعدتها أن أرد جميلها يوماً.

أنت حزبي الذي أعلنت له الوفاء الصادق والولاء الخالد.

أنت وطني الذي أفديه بروحي وأنتمي إليه بإخلاص.

أنت رايتي المتفردة التي حملتها منذ الصغر، وعاهدتها أن تبقى مرفرفة على السهول والوديان.

لطالما دمعت عيناي وأنا أنظر لنجوم السماء على سطح بيتنا هناك في الريف، وأحلم بمستقبل جميل أعيش فيه مرتاحة البال، أحلم بغدٍ أكون فيه من القيادات النسائية البارزة، اللواتي يُفخر بهن وبإنجازاتهن.

أمي حضرموت يؤلمني واقع المرأة الريفية، وأنا أحد ضحاياه، ولازلت احلم بأبسط حقوقي الضائعة من تعليم وصحة وتنمية وتطوير.

أشعر بالقهر عندما أرى معاناة قريتي، وعدم وجود خدمات أساسية فيها، وإن وُجِدت بعضها فهي متواضعة ولاتلبي المتطلبات الحقيقية.

سننهض بحضرموت، حلم طالما رددته وكتبت عنه وتغنيت به في كل مكان; نعم نستطيع كما استطاع مهاتير محمد أن ينهض بماليزيا، لست أدري لماذا يسخر البعض مني عندما أتحدث عن هذا الموضوع، حتى أحلامنا البريئة تُغتال !

متى سيرتاح قلبي وأراكِ تعانقين صباح النهضة؟ متى سننال حقوقنا ويتركونا نتنفس ياحضرموت؟ متى؟!
لا أريد أن أتسول في طرقات الصحف والمواقع عن حقوقي المنهوبة ومطالبي المشروعة.

لازلت أحلم بماء وكهرباء لا تنقطع وتعليم مكفول مجاني، أحلم بأمن وأمان مستمر، أحلم بمرافق صحية ممتازة و علاج مجاني، أحلم بعيشة كريمة أحلم ب …. أحلام تجاوزتها الكثير من الدول المتقدمة وهي لا تملك قطرة من بحر ثروات حضرموت الوفيرة.

حضرموت كان حلمي أن أُبتعث للخارج، حتى أدرس في مجال الفيزياء النووية، كان حلمي أن أساهم في اختراعات وابتكارات، أحلام طفلة ريفية مجنونة ابتلعت الخيبات وذاقت الألم على مدى أكثر من عشرين سنة، دفعت فيها ثمن تعليمي أكافح وأناضل ولازلت.

لم ولن أنتظر شفقة الفاسدين الذين نفطر بفتات مايتركون لنا، فهم لن يشعروا بما نعانيه لأنهم في بروج مُشيَّدة وعيش رغيد، لا أريد فضلاً من أحد، أريد حقي ونصيبي من خيرات أرضي.

الغالية حضرموت ..
أعدك أن أتعلم أكثر وأطوِّر نفسي وإن سهّل الله لي الظروف سأنتزع حقوقك المنهوبة برفقة من يحملون همَّ القضية..
وإن وُئِدَتْ أحلامي وهَرِمْتُ في عزِّ شبابي ورأيتني في الصف الأخير شاردة الذهن شاحبة الوجه سامحيني ..
إن قضيت ماتبقى من عمري في إحدى شعاب الوادي، أرعى الغنم بلاهدف ولارؤية ولارسالة سامحيني، ساحتسب لله وحده حينها على ضعفي وقلة حيلتي.

آه ياحضرموت تعددت الجبهات أمام أحلامي وطموحاتي النبيلة  (الظروف ، المجتمع ، العادات ، التقاليد ، الفساد ) أواجه من خبريني؟

لطالما حلمت أن أمسح دموعكِ، وأن أكون الابنة البارَّة التي تقر عينك بها، لطالما حلمت أن أكون صوت المرأة الحضرمية الحي والمستقل، لطالما حلمت بأن أكون صاحبة بصمة مميزة على مستوى البلد، ولكن تعددت الحواجز أمام خطواتنا الواعدة، وحالنا كالعطشان الذي يحتظر وهو يرى الماء العذب أمامه، فلم يمت ويرتاح ولم يُرْوَى فتهدأ روحه .

أحلام تختبئ بخجل في ملف هموم حضرمية تبعثرت في بوح البداية لكِ جنتي حضرموت.

✍🏻 زهرة الوادي

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

الحلقة ما قبل الأخيرة

 الحلقة ما قبل الأخيرة كتب / رشاد خميس الحمد السبت 2 نوفمبر 2024 منذ الوهلة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *