عامل النظافة الأسمى قدرا والأعلى مكانة
عبدالحكيم الجابري:
لعامل النظافة مكانة خاصة وعالية في المجتمعات المتطورة، إذ أن تلك المجتمعات تعي جيدا أهمية وجود عامل النظافة في حياتها أكثر من وجود وزير أو زعيم سياسي، فعامل النظافة تتوقف عليه صحة وسلامة الناس، واذا تضررت صحة الناس فلا أمل في الحياة.
لنأخذ على سبيل المثال بريطانيا، إذ يعتبر القانون البريطاني مهنة النظافة ضمن مسؤليات الأمن القومي للبلاد، فيمنع العمل في هذه المهنة لغير البريطانيين، وتعد أجور عمال النظافة من المستويات الكبيرة مقارنة بغيرها من المهن.
وفي ألمانيا يعتبرون وظيفة عامل النظافة، اكثر الوظائف احتراما وتقديرا، وتأتي مكانة عامل النظافة بعد الطبيب مباشرة، ويتقاضى مايزيد على الألفين دولار شهريا، ويجرم القانون الألماني إهانة عمال النظافة، ومن يهين عامل النظافة يكون مصيره السجن، حيث يقضي مدة حكمه في جمع القمامة.
أما اليابانيون فإنهم يعتبرون عامل النظافة بأنه صاحب أهم وظيفة في الدولة، ولهذا تحرص الحكومات على توفير الحياة الكريمة له، ويتراوح الاجر السنوي لعامل النظافة في اليابان مابين 75 الف دولار و100 الف دولار، إلى جانب تجهيز منازل عمال النظافه واحتوائها على كل المتطلبات بمافيها الجوانب الترفيهية داخل المنازل.
ومن اهتمام الحكومة اليابانية بعمال النظافة، تنتصب اليوم في أشهر ميادين العاصمة طوكيو تماثيل لعدد من عمال النظافة، تأكيدا على الدور الحيوي لعمال النظافة في البلاد، وتقديرا وعرفانا لهم من المجتمع والدولة ككل.
إن الاهتمام بعمال النظافة، واعطائهم مكانة عالية لا يقتصر على الدول الغربية فقط، إنما ايضا هناك من الدول العربية من عرف قيمة وأهمية عامل النظافة، فحكومة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ، قدمت نموذجا رائعا في احترام عامل النظافة وتقدير دوره المهم في المجتمع، إذ أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس الوزراء حاكم دبي حملة (شكرا لكم)، التي تنظم تحت شعارها الاحتفالات السنوية يكرم خلالها عمال النظافة، إلى جانب عدد من عمال الخدمات الاساسية، كعمال البناء وسائقي المواصلات العامة وخدم البيوت.
وتعد تجربة الامارات العربية فريدة في كونها تحتفل باصحاب المهن المغمورة، وفي مقدمتها عمال النظافة، وهو ماحقق نتائج مبهرة على الواقع الحياتي المعاش، ويظهر كل ذلك في البيئة النظيفة التي تتمتع بها مدن دولة الإمارات ومنها على وجه الخصوص إمارة دبي، ما يستدعي أن يتم نقل هذه التجربة وتطبيقها على مختلف الدول العربية.