( حضرموت ) .. ومرحلة ( السحل ) .. !!
بعد انتصار الثورة الأكتوبرية المجيدة ببضعة أعوام وتنافس قادتها وصراعهم المرير فيما بينهم .. وعقب رحيل رعيلها الأول شهداء ومقصيين ومشردين .. بقي أوباشها من القادة يأكل بعضهم بعضاً حتى شُبّهت الثورات بالقطة التي تأكل أبناءها ..!!
وبعد سنوات عدّة من المؤامرات والدسائس والاغتيالات والحروب البينية ..غدا النصر في نهاية المطاف من نصيب أنصار الجناح الماركسي الذين تميزوا بلغة العنف الثوري المتطرف ..
وهنا وتحديداً في بداية السبعينات ( 1972 م ) سادت على أيديهم لغة القتل والسحل في حضرموت بعد أن ضُمّت هذه المحافظة قسراً إلى بيت الطاعة الماركسي .. وحينها عاشت حضرموت أسوأ مراحل حياتها.
بقوائم يطول سردها من ضحايا ومظلومين ..سعى الرفاق إلى تفريغ حضرموت من خيرة أبنائها وكوادرها وعلمائها ومصلحيها ورجالها وقادتها الصادقين .. سالكين في ذلك أبشع لغة ثورية في التخلص من الخصم والتنكيل به .. ألا وهي لغة ( السحل)..!!
والسحل هو نوع بشع وطريقة مخيفة وأسلوب مقيت من أساليب الإعدام يؤدي إلى تمزيق جسد الضحية .. حيث يوضع حبل متين في عنق الرجل ثم يتمّ جره به على وجهه فيظل يصارع حاله البائس إلى أن يموت ..!!
ولقد عاث الماركسيون في أرض حضرموت المسالمة قتلاً وتنكيلاً وسحلاً .. فعمّ الخوف و الفزع و لم يبق أحد مطمئناً على نفسه ..
فمنهم من انزوى عن ممارسة الحياة السياسة وعافت نفسه التدخل في شئونها حفاظاً على النفس .. ومنهم من أخذ عصا الترحال فسافر هارباً إلى بلاد أخرى من بلاد الله الواسعة ..
شأنهم في ذلك شأن بقية الحضارم المبثوثين في أصقاع الأرض حتى قال عنهم الشاعر :
مسكين مسكين بوحضرم .. تغرب وساح .. طاير ولا له جناح !!
وفي تلكم الحقبة السوداء من تاريخ حضرموت وقعت حوادث فظيعة وأحداث يندى لها الجبين .. منها ما سجله التاريخ على ألسنة من شهدوه وعاصروه .. ومنها ما بقيَ مخفياً طيّ الكتمان إلى يوم الناس هذا ..!!
واليوم ـ ومع بقاء ذات الوجوه الكالحة متخلقة بذات التوجهات والثقافة الثورية تجاه الخصوم ـ لا يستطيع أحدٌ أن يلوم الحضارم على بغضهم ومقتهم وكرههم لكل ما يمتّ إلى تلك المرحلة بصِلة ..
وفي هذا المعنى يقول علي بن نايف الشحود في كتابه [ المسلم بين الهوية الإسلامية والهوية الجاهلية ] : ( والذي يستحضر خروج هذه الثورات وثقافة السحل والقتل والسحق الذي تبنته يعرف انها لن تنتج إلا إنسانا مكبوتاً جريحاً ثائراً على هذا الواقع … ).
وهكذا فقد ثارت حضرموت وأبناؤها على هؤلاء الجهلة وأذيالهم وما يحملونه من مشاريع هدّامة هدفها التبعية والضمّ والإلحاق والإتباع والسيطرة ..
متسلحين بما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم من عزّة وإباء وتاريخ تليد .. ساعين إلى إقامة دولتهم المستقلة .. دولة ( حضرموت ) الآمنة المطمئنة التي سيشتد عودها وسيستوى ساقها وسيعجب الزراع نباتها بإذن الله تعالى.
✍🏻 *أحمد باحمادي..*