حضرموت كما يجب أن تكون
/فائز الصيعري
بالنظر إلى جغرافيا الصراعات في جنوب الجزيرة العربية ، نجد أن أكثر كيانين جغرافيين حضاريين وتاريخيين يحظيان بالوحدة الوطنية الداخلية، والاستقرار الاجتماعي ، ويخلوان من الصراعات المذهبية والعرقية هما حضرموت وعمان ، فهاتان البقعتان من جنوب جزيرة العرب مؤهلتان مجتمعيا لتكونا دول مستقلة ومستقرة ، وهو ما حصلت عليه الشقيقة عمان ، بينما حرمت منه حضرموت بسبب إدخالها عنوة بيد المغامرين الاشتراكيين في نفق الصراعات اليمنية والتي ليس لها فيه ناقة ولاجمل .!
وبعد نصف قرن من التيه، فإن حضرموت اليوم مؤهلة أكثر من أي وقت مضى ، لتعود سيرتها الأولى كمركز حضاري عرفه العالم ، منذ ملكها العز يلط والذي جاءت وفود ممالك تدمر وكلدان والهند لحفل تنصيبه ملكا على حضرموت كما جاء في نقش العقلة .
وذلك أن حضرموت لا تعاني من أي صراعات طائفية ومذهبية دموية كما هو في شمال اليمن منذ عهد المتوكل إسماعيل ثم عبدالله بن حمزة وإلى يومنا هذا في عهد الحوثيين والتي أريقت في تاريخها سيول من الدماء .
أو صراعات مناطقية قبلية وعرقية كما هو حاصل في جنوب اليمن والذي لم يحصل أن اجتمعت مناطقها في دولة واحدة على مدى تاريخها ، حيث كانت أصغر بقعة جغرافية بها عشرون سلطنة ومشيخة وإمارة متصارعة فيما بينها.! وحينما تحقق لها ذلك في 67م توجت تلك الصراعات الدموية بأحداث 13 يناير .!! . ومازالت تلك الصراعات الدورية ظاهرة للعيان على أساس مناطقي قبلي .
بينما نجد أن النسيج المجتمعي الحضرمي نسيج متناسق ومتناغم ، ومتعايش بكل مكوناته ، فلا وجود فيه للدعوات الطائفية المذهبية أو الصراعات القبلية العرقية والمناطقية ، فالجميع هنا يفتخر بانتمائه الحضرمي وولائه لهذه الأرض الطيبة فقط رغم المساحة الشاسعة للأرض الحضرمية ، وتعدد قبائلها وأعراقها ، إلا أننا نجد أن الإسلام والعادات العربية الأصيلة هي من تحكم المجتمع الحضرمي .
وهي القناعة التي أوصلت الشعب الحضرمي إلى ضرورة بسط سيادته على أرضه ، ورفع رايته الحضرمية التي تميزه ، وترجمتها بيانات مكوناته السياسية، والحقوقية والقبلية ، كالعصبة الحضرمية ومؤتمر حضرموت الجامع والهبة الحضرمية -مخيم العيون- والمرجعية وأخيرا حلف قبائل حضرموت وبقية الفعاليات المجتمعية والمدنية .
فليس هناك من عروة أقوى من عروة الهوية الحضرمية ، يمكنها أن تجمع كل الحضارم على مشروع وهدف واحد بكل يسر وسهولة ، لتعود حضرموت من جديد إلى سابق عهدها ومسارها التاريخي والطبيعي ، قطر عربي مستقل بذاته .