نهار ادعي
منصور باوادي
في حياتنا اليومية نمر بكثير من المضحكات ومثلها من المبكيات، وبعض الأحداث جمعت بين الضدين فأصبحت مضحكة مبكية، نظرا لسذاجتها أو حقارتها أو ربما لكمية الغباء الذي يثقل كاهل صاحبها.
وفي حياتنا اليومية أيضا أناس ليسوا بأناس، ربما ينتمون لمخلوقات أخرى لا نعرف كنهها وحقيقتها، لا يبالون أبدا بالهيئة التي يتقمصونها ويظهرون بها أمام الآخرين، فلا يهمهم أن يظهروا كمهرجين مرة، وكمتسولين مرة أخرى وكمغفلين ثالثة وهكذا، تراهم في كل مرة بلون وشكل ورائحة ولو كان العقلاء يترفعون عنها ويرفضون الخروج للناس بتلك الهيئات والصور.
وفي حياتنا اليومية أيضا بشر لا تعمل عقولهم أبدا، ولا تشتغل، فهي معطلة خاملة، تراكم عليها غبار الجهل والسذاجة، لا يميزون بين المواقف والخطابات والشعارات مهما كانت تناقضاتها كالشمس في رائعة النهار. قوم يسيرون بغير هدى، ويحثون الخطى خلف السراب، ويشربون الوهم، ويصفقون لعرقوب يصدقونه في كل مواعيده.
وفي حياتنا اليومية تكاثرت الشعارات الجوفاء، وارتفعت إلى عَنان السماء، وكل يوم تتساقط على المساكين والبسطاء ليظلوا في حالة تخدير دائم، شعارات ضاقت بها السماء قبل الأرض، لا تقف عند حد، ولا تعرف المنطقية وترفضها المقاييس العقلية، تشطح كثيرا وتبتعد عن الواقعية، فلو نطق الزمان لهجى متلقيها وعاتبهم على اتباعها والهرولة خلفها.
هكذا هي حياتنا اليومية تعج بالصور الغريبة والأحوال العجيبة، تجعل العاقل حيرانا، بل تجعل قلبه يتفطر حزنا وألما على طابور كبير من الناس تتلاطم بهم أمواج شتى ولا يخرجون منها بطائل أبدا.
ولهذا لابد للعقلاء أن يتداعوا لانتشال هؤلاء مما هم فيه من وهم الشعارات وبريق الدعوات الزائف وتناقضات المواقف، وغرابة الخطابات، ومخاتلة القيادات، فمن المعيب أن يظل العقلاء في بُعدٍ ونَأْي عن هؤلاء ويُتركوا فريسة سهلة لمحتالي الشعارات وكذبة الدعوات، ومن هنا فإني نهار أدعي ما بغيت واحد من العقلاء يقف مكتوف الأيدي وبغيتكم كلكم في الصفوف الأولى لمعركة تحرير العقل وتنمية الوعي.