الأحد , ديسمبر 22 2024

الهوية والاستحقاقات الحضرمية في مفهومي الإقليم والدولة المنشودة

 

 

-لندوة ذكرى الهبة وإشهار يوم حضرموت الوطني(20ديسمبر):

الهوية والاستحقاقات الحضرمية في مفهومي الإقليم والدولة المنشودة

* إعداد الباحث و الإعلامي:
أحمد محفوظ بن زيدان

(الإهداء:لكل حضارم الداخل والمهجر الذين يترجمون نبض حبهم وحرصهم على حضرموت،هويةً واستحقاقَ وطنهم المنشود..)

▪️المقدمة :

بدايةً، أشكر قيادة حلف قبائل حضرموت و المُنظِّمين لفعالية وندوة إحياء ذكرى الهبة التاسعة وإشهار يوم حضرموت الوطني، بهذا العام2022م، تخليداً للمقدم الشهيد/سعد بن حبريش العليي-مؤسس ورئيس الحلف، رحمه الله – ولتكن تقييماً لتجربة الحلف ومؤتمر حضرموت الجامع الذي تم تأسيسه وإشهاره في: 22 ابريل عام: 2017م وهذه مساهمة بحثية تثقيفية – توعوية لجيل اليوم والغد أقدّمها(للهوية والاستحقاقات الحضرمية في مفهومي الإقليم والدولة المنشودة) وسأركز عليهما في المفهوم اللغوي والعلمي عامةً وبخاصةٍ في وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع ومروراً عبر أهم المرجعيات الرسمية (مخرجات الحوار الوطني والدستور الاتحادي الجديد)، بهدف التوعية للجمهور ومجتمع حضرموت بشكل عام وأخص الشباب المُغيّب عن حقائق وحقوق حضرموت ونكباتها، لأهمية مشاركة شباب حضرموت في الحياة السياسية وصنع القرار المصيري المستقبلي، فيما تنشده حضرموت وأبناؤها بإقليمهم المأمول أو دولتهم المنشودة سلمياً، بوقتٍ عصيبٍ وهامٍ بحياةِ و مصيرِ شعبنا الطيّب والصابر على آلامهِ المتواصلة و آمالِ الحضارم المتجددة مع هذه الذكرى الغالية وما نشاهده من مرحلةِ مخاضٍ مفصلية وعلى مُفترقِ طُرقٍ مع المليشياتِ الحوثية الباغية، التي انقلبت على الثوابتِ الوطنية ومخرجاتِ الحوار الوطني-احدى المرجعيات الثلاث-الهادفةِ لإقامةِ دولةٍ يمنيةٍ إتحاديةٍ مدنيةٍ ديمقراطية، ذاتِ ستة أقاليم، بحسب ما أعلن رسمياً-رغم وجود اعتراضِ البعضِ على عددِها و تحفّظِ آخرينَ على مسمياتِها أو تقسيماتِ مكوِّنِ إقليمهم- هُنا و هُناك..- لتُعيدَ تصحيحَ مسارِ الوحدة الإندماجية إلى الدولة الإتحادية ذاتِ الأقاليم المستقلة التي يأملُ الكثيرُ تعديلَ موادٍ بمسودة الدستور الإتحادي تحدُّ و وتقيّدُ الصلاحياتِ الكاملةَ للأقاليمِ المستقلة، بحسب ما هي قائمة بدولٍ إتحادية، وفق المفهوم والمصطلح العلمي، عند الفرنجة والغرب عموماً بنُظمِ الفيدرالية وهي متعددةُ النماذجِ والتجاربِ في العالم – ولديَّ بحث آخر يتناولها – وُصولاً إلى التطبيقِ المُختار و الأمثل للدولة الإتحادية و الإقليمِ المنشود..

▪️الهوية والاستحقاقات الحضرمية

1-الهوية الحضرمية:

الهوية: بالمعنى اللغوي العام هي سمات وصفات ذات شعب ما تميّزه عمّا حوله من شعوب أخرى وما يتصل بجوهر الأشياء، اجمالاً فكلمة هوية منسوبة إلى الضمير«هُوَ» و هي مجمل السمات التي تميّز شيئا عن غيره أو شخصا عن غيره أو مجموعة عن غيرها، فكلٌّ منها يحمل عدة عناصر، كمتحرك ديناميكي، في هويته الجمعية(وطنية أو قومية)تدل على ميزات أساسية مشتركة ولعله من هذا المنطلق خيّر الباحث/أحمد سالم بلفقيه في بحثه: الهوية الحضرمية(للجنوب العربي)؛إما أن يكون الجنوبُ حضرميَ الهوية وإما أن يكون يمنيا ويرى الهوية الحضرمية هويةً ثابتة راسخة عميقة الجذور، عمرها عمر حضرموت التاريخ التي تزيد عن خمسة آلاف عام، فلا مثيل لها في كل بقاع العالم، كما أن مصطلح الأحقاف قد ترافق مع حضرموت السكان والأرض و قد وثقه القرآن الكريم في سورة الأحقاف.

ويرى الباحث الدكتور/عبدالله سعيد باحاج في بحثه عن الهوية الحضرمية أنَّ للهوية محدداتٍ و مكوناتٍ ماديةً، كالعرق والمكونات الجينية والأرض، بما تحتويه من مظاهر طبيعية وحيوية وغير مادية، كالتجانس الاجتماعي والتاريخ المشترك و الثراث الشعبي المتوارث من جيل لآخر وغيرها التي تتجلى في شعب حضرموت الذي عُرف منذُ أكثر من خمسة آلاف سنة وعُرف بشعب عاد الذين عاصروا نبي الله (هود-عليه السلام) وله اسم عابر الذي أتى من (قحطان) ومنه ولد حضرموت وقومها قطنوا أرض الأحقاف، كما فصّلها القرآن الكريم وهي نفس موقع وطبيعة حضرموت وكمملكة ظهرت نحو عام1500قبل الميلاد، كأول مملكة برزت في جنوب الجزيرة العربية، أي قبل مملكتي معين وسبأ،كما يقول الأستاذ/محمد عبدالقادر بامطرف في كتابه(المختصر في تاريخ حضرموت العام) وهذا يعني السبق و الريادة في ظهور نظامها السياسي والإداري، مما يعزز هويتها الحضارية المميزة و انطلقت منها الهجرات البشرية، منذُ هجرة قوم عاد الثانية الذين صارعوا مجموعة منهم هم قوم ثمود وحتى الهجرة الحديثة لليوم التي تعزز مكونات الهوية الحضرمية..

وللأمانة العلمية والحقيقة التاريخية ومن خلال تتبعي لمراجع الهوية الحضرمية والاهتمام بتعزيزها والتوعية بها؛تتصدّرها علناً، جبهة إنقاذ حضرموت التي أشهرت بالمكلا:17/سبتمبر/2011م ثم تحوّلت لمسمى عصبة القوى الحضرمية التي أشهرت في سيئون بتاريخ:17/مايو/2012م وتعرف،ك حاليا،ك بالعصبة الحضرمية..

2-الاستحقاقات الحضرمية:

لعلَّ استحقاقات حضارم الداخل والمهجر ظلّت باقيةً في ذاكرتهم، طيلة النكبات التي تعرضت لها حضرموت وتجددت آمالاهم وتطلعاتهم بتحقيقها، من خلال الخطوات المتخذة، مؤخراً، والمتوّجة حتفاءً بيوم حضرموت الوطني وإحياءً للذكرى التاسعة للهبة الشعبية الحضرمية التي أخرجت المارد الحضرمي عن صمته و صدح بالمطالبة وشرع بإنتزاع حقوقه المغتصبة على مدار(55سنة)، إثر إغتيال واستشهاد المقدّم/سعد بن حبريش العليي-مؤسس و رئيس حلف قبائل حضرموت ثم إندلاع الهبة التي قُطعت كل شبكات الاتصالات والإنترنت،خلال أحداثها، صبيحة الجمعة: 20/ديسمبر/2013م، فبدأت تتطهّر تربة حضرموت، من بعض الادناس ودعمَ التحالف العربي تأسيس النخبة الحضرمية التي حمت الشركات النفطية وساهمت في تحرير ساحل حضرموت والعاصمة المكلا من القوى الإرهابية في 24ابريل2016م وأعقبه تأسيس وإشهار مؤتمر حضرموت الجامع الذي أجمعت مكونات و فئات و مديريات مجتمع حضرموت على رؤى وثيقته ومخرجاته في 22 ابريل2017م..

وتلك أهم محطات ومرتكزات رئيسية شكّلت الأهداف والقواسم الاستراتيجية المشتركة للحلم الحضرمي الذي طال انتظار أهله نحو الحرية والاستقلال الذي غدرت بريطانيا باتفاقها مع سلاطين المحميات الشرقية و بالذات القعيطي والكثيري، *المتضمن إعلان دولة حضرموت الاتحادية في التاسع من يناير عام1968م وقد اتفقوا على صيغة مشروع دستورها-المنشور بصحيفة الطليعة- لتستبقه بريطانيا باعترافها باستقلال جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية التي ضمّت وألحقت إليها قسراً وبدون استفتاء:حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى، فنكبت نكبتها الأولى من الجبهة القومية عام1967م وأعقبه التخلّص من جيش البادية النظامي وتتالت النكبات وطالت الأزمات بطمس وإجهاض حقوقها،ك للآن* و ما إحياء واحتفالية الحلف(20ديسمبر2022م) إلا استنهاض لعزيمة وهمم الحضارم نحو استكمال حلمهم المنشود الذي لاح فجره وبشائره اليوم..

فالحق لا يسقط بالتقادم، طالما مطلبنا به قائم، لكن ذلك يقتضي من كافة الحضارم ومكوناتهم المزيد من الإلتفاف والتكاتف وتعزيز وحدة كلمتهم ورصّ صفوفهم و الحفاظ على هويتهم وخصوصيتهم وتقديم التنازل بين مكوناتهم وقواهم المؤثرة في المجتمع وأنبلهم مَن يسعى في موقع انتمائه السياسي والمجتمعي الدفاع عن استحقاقات القضية الحضرمية، بما يخدم انجاز الغايات والأهداف الكبرى التي ينشدها أبناؤهم بحياة كريمة وآمنة ومستقبل أفضل، سواء بإنجاز إقليم مستقل، بكامل صلاحيته، وفق تفاصيل وثيقة ومخرجات مؤتمر حضرموت الجامع التي أجمعوا على مضامينها أو بما تتفق المكونات الحضرمية، تجاه مفهوم دولة اتحادية مدنية ديمقراطية، إذا غيّر الراعي مرجعيات وقواعد حل الأزمة والصراع اليمني القائم، فلنكن جاهزين بمشروعنا الوطني الذي يجب أن يتشارك الجميع في إدارته، دون استثناء أو محاباة و ةيخضع فيها الكل لمعايير الكفاءة العلمية والعملية والنزاهة والإخلاص، لتحقيق العدالة والمساواة والتنمية الشاملة..

والأهم؛ ايجاد أي اطار تنسيقي يجمع مختلف مكوناتنا وأن يتقدموا خطوات نحو اجراءات الغايات التي ينشدها كافة المواطنين وليس العودة للوراء والفئوية التي بلاشك ستُسقط مَن يسعى لمصالحه الضيقة و عشمنا بكل قياداتنا وصنّاع القرار أن ينجزوا حضرموت المنشودة و ليسجلوا تاريخ حياتهم بصفحات ناصعة البياض و خالدة الذكر بين الأجيال القادمة..
وقد فصّلت وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع تلك الحقوق المغتصبة والاستحقاقات الكبرى المنشودة لحضرموت و أبنائها..

▪️مفهوما الإقليم والدولة المنشودة

1- مفهوما الإقليم والدولة في مخرجات الحوار الوطني:

سنجد هذينِ المفهومينِ في أول مرجع رسمي للجمهورية اليمنية، متمثلاً بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد بالفترة: (18/مارس/2013م-25/يناير/2014م)، المتضمنة: 349 صفحةً بالكتاب الصادر عنه، فقد جاء بوثيقته، صفحة 307: (لقد نجح مؤتمر الحوار الوطني في جمع وإعادة صوغ صورة مستقبل البلاد بأسرها حول رؤيةٍ جديدة عن دولة حديثة مدنية ديمقراطية اتحادية وفعّالة تصون وتكفل أسس المجتمع العادل والمتكافل..)واصفةً له: عقدنا الاجتماعي الجديد..هذا هو العهد

2- المفهومان في الدستور الاتحادي

وقد عكست مخرجاتِ مؤتمر الحوار الوطني الهيئةُ المشرفة على إعداد الدستور الذي أصدرته بكتاب: مسودة دستور اليمن الجديد (أي للدولة الاتحادية) ونصّت الأسس السياسية بمادته الأولى على الآتي: (جمهورية اليمن الاتحادية دولة اتحادية، مدنية، ديمقراطية، عربية إسلامية، مستقلة ذات سيادة، تقوم على الإرادة الشعبية والمواطنة المتساوية، وسيادة القانون، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها، واليمن جزء من الأمتينِ العربية والإسلامية.ص11)، بينما الأحكام العامة لهذا الدستور فصّلت مادته رقم:391 : (تتكون جمهورية اليمن الاتحادية من ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنين في الجنوب وهي أقليم حضرموت، إقليم سبأ، إقليم عدن، إقليم الجند، إقليم آزال، إقليم تهامة على النحو الآتي:-

1-إقليم حضرموت ويتكون من ولايات المهرة، حضرموت، شبوة، سقطرى..ص: 83) وأمّا أحكام تعديل الدستور-ويقصد به النافذ، بعد الاستفتاء الشعبي عليه-الواردة بصفحتي:84-85 بالفصل الثاني، فقد نصّت المادة رقم:408 على الآتي:
(1-لرئيس الجمهورية،أو لثلث أعضاء مجلس النواب،أو لثلث أعضاء مجلس الاتحاد، طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، و يجب أن يُذكر في الطلب المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل.
2-يقدم طلب التعديل إلى كلا المجلسينِ للبت فيه من حيث المبدأ،ويعتبر الطلب مقبولاً بموافقة أغلبية أعضاء كلِّ مجلس على حده.
3-إذا رفض الطلب من أحد المجلسين أو كليهما فلا يجوز إعادة تقديمه قبل انقضاء عام من تاريخ رفضه.) و إذا تمَّ الإجراءُ على تفاصيل بقية مواد هذا الفصل إلا أن نافذيتها مرهون بما نصّت عليه المادة رقم: 413 :(لا يصبح التعديل المقر من المجلسينِ في المواد والابواب«…»نافذاً إلا بعد الاستفتاء العام عليه وحصوله على أغلبية الأصوات الصحيحة.)

وما يهم مواطنو الإقليم ومنهم بحضرموت كيفية توحيد كلمتهم والاجماع على نص النصوص البديلة التي تحقق نظام الأقاليم المستقلة كاملة الصلاحيات وما يتلاءم مع إقليم حضرموت وينجز ما ينشده أهلنا وقد ضمّن مؤتمر حضرموت الجامع تلك المطالب والتعديلات بوثيقته ومخرجاته والمطلوب تثبيتها بهذه المسودة للدستور وتدارس القانونيين ونخبنا بآلية فرض تثبيتها..؟؟،بالرجوع لما أعلنته الهيئة المشرفة على الدستور بعرضه على التجمعات السكانية وبورش عمل، لإبداء ملاحظاتهم على مسودته، قبل الاستفتاء عليه ،بظل تعقيدات ومراحل فترات هذه المواد،بعد نفاذه !؟!

أمّا أحكامه الانتقالية، بالباب العاشر فقد نصّت المادة:424 على:(يكون تمثيل الجنوب «إقليمي عدن وحضرموت» في الدورة الانتخابية الأولى بالمناصفة في السلطة التشريعية الاتحادية وفي كافة الهياكل القيادية في الهيئات التشريعية والقضائية والتنفيذية بما فيها الجيش والأمن.).

3-مفهوم إقليم حضرموت في وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع

أعتقدُ جازماً؛ يحقُّ لكل حضارم الداخل و المهجر الفخرُ والاعتزازُ أنَّ لديهم أول وأفضل وثيقة مفصّلة وتعترفُ بها الدولة الشرعية، رسمياً،فضلاً عن التعامل الإقليمي والدولي مع صنّاعها وهذه الوثيقة تمخّضت عن الإجماع الحضرمي، لفروع الأحزاب والتنظيمات السياسية والمكونات المجتمعية وفئات ومديريات مجتمع حضرموت التي شاركت باللجان التحضيرية لمؤتمر حضرموت الجامع، لقرابة سبعة أشهر، حتى اشهاره، رسمياً بتاريخ: 22/ابريل/2017م، كأكبر مكوّن حضرمي مجتمعي ويمثلهم سياسياً أمام الدولة القائمة والمحيط الخارجي، حتى اليوم والمستقبل القادم بإذن الله.

وقد فطنَ وتداركَ تلك النواقصَ والتقييداتِ الدستوريةَ مؤتمرُ حضرموت الجامع في وثيقته البالغة(328صفحةً،من الحجم الكبير) ومخرجاته(40هدفاً و مخرجا) وطالبَ بتصحيحها، لكن لكي تصلَ غايتها تتطلبُ تشكيل فريق قانوني وسياسي، لتنصيصها ثم لقاء المعنيين بالهيئة المشرفة على مسودة الدستور وعرض النصوص البديلة، فيما يخص صلاحيات واستحقاقات إقليم حضرموت، بشكل خاص وعلى مواد هذه المسودة، بشكل عام..

ولايات إقليم حضرموت بوثيقة الجامع

لقد خصصت و فصّلت وثيقةُ مؤتمر حضرموت الجامع مفهومَ إقليم حضرموت، بخيارينِ في الجانب السياسي، بالباب الأول من وثيقته الهامة بتفنيدِ موانع وتقييد صلاحيات الإقليم بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني والدستور الاتحادي الجديد وعكسَ مطالبَ المجتمعِ الحضرمي مؤتمرُهم الجامع، كما عكسَ المكانةَ التي يجبُ أن تليقَ بحضرموتَ على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، فقال: (إنَّ الحضارمةَ لا يرضونَ بأدنى من أن تكونَ حضرموتُ بجغرافيتها المعروفة إقليماً بشراكة متكاملة ببعديها الجيوسياسي والحضاري، إقليماً يخدم رؤية أبنائه وتطلعاتهم أو أن تكون حضرموتُ مع محافظات شبوة والمهرة وسقطرى إقليماً واحداً إذا ما قرر أبناء هذه المحافظات بإرادتهم الحرة الانخراط في هذا الإقليم في إطار دولة إتحادية فيدرالية وأن تتمتع حضرموت بحقوقها السياسية والسيادية كاملةً غير منقوصة بعيداً عن مختلف صنوف التبعية والانتقاص والإلحاق بمايحقق العدالة في توزيع السلطة والثروة والتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية..ص11).

▪️الجامع: من الإقليم إلى المطالبة بترك الاتحاد، فماهي دولته؟؟!

لقد طالب مؤتمر حضرموت الجامع في نفس نص تلك الوثيقة: (أن ينص الدستور الاتحادي على حق إقليم حضرموت ترك الاتحاد متى رأى أنه لم يعد على النحو الذي أتفق عليه..ص11)، مما تعني مطالبته: انتقاله من أقاليم الدولة الاتحادية إلى إعلان الدولة، تلميحاً،لكن لم يحدد مفهومها وطبيعة نظام حكمها لشعبه الحضرمي..؟؟؟

▪️تمثيل حضرموت ونظام الحكم المختلط

وبالعودة لتفاصيل مفهوم إقليم حضرموت نصت وثيقة الجامع على المطالبة بإضافة غاية سامية يجمع عليها و على أهمية التمسك به أبناء و أهل حضرموت قاطبةً وتبنى تمثيل حضرموت في السلطات الثلاث(السلطة القضائية-السلطة التشريعية-السلطة التنفيذية)وفصّلها بمباحث الفصل الثاني من هذا الباب بصفحات الوثيقة13-18 وحول نظام الحكم فضّل المختلط وقال: (هو الأنسب لحضرموت في المرحلة القادمة على أن يحدد الدستور القادم شكل العمل الحزبي..)ص20.

▪️استحقاقات حضرموت وشكل الدولة بالوثيقة

وبعد تفصيلِ الوثيقة للحقوق السيادية لإقليم حضرموت أجمل المؤتمر الجامع قوله الفصل:(و يكون للإقليم حقه السيادي في النسبة المقدمة إلى الدولة الاتحادية بحسب ما يراه دون إملاء أو شرط.)ص22، أمّا حول شكل الدولة فقد أشارت الرؤى المقدمة إلى( أن شكل الدولة ينبغي أن يكون اتحادياً فيدرالياً فإن حضرموت ينبغي أن تأخذ حقها الكامل غير منقوص في التمثيل السياسي وفي السلك العسكري والأمني وكذا الدبلوماسي والتمثيل الخارجي والسلك القضائي وفقاً لمعايير محددة واضحة وشفافة (المساحة-السكان-الإسهام في الميزانية الاتحادية و عمقها التاريخي و بُعدها الحضاري.)ص24 وقد تناولت و فصّلت الوثيقة الشأن الأمني والعسكري، بالفصل السادس وكذلك الحال حول الحقوق والحريات، ولا يتسع لها الوقت-هنا- وهي واردة بصفحات:25-32 وقد أكدت اللجنة السياسية:(أن هذه الرؤية هي عبارة عن نقل أمين للرؤى التي قُدمت إليها..).

4-أبرز الخيارات بين الإقليم والدولة المنشودة على الساحة:

من خلال متابعتي والتقصي، بشأن ذلك؛ تبرز أمام المتابع عدة مشاريع خيارات لهما، على مستوى الساحة الوطنية والشأن الحضرمي، ألخصها بالنقاط الآتية:

1-للدولة اليمنية الشرعية القائمة، رسمياً:جمهورية اليمن الاتحادية، دولة اتحادية،مدنية، ديمقراطية، تتكون من ستة أقاليم(وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومشروع الدستور الاتحادي-الجديد).

2-حضرموت برؤية وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع: دولة اتحادية، تكون حضرموت فيها إقليماً مستقلاً بكامل صلاحياته، في إطار أية تسوية سياسية للبلاد ويحق لها ترك الاتحاد، بنص في الدستور الاتحادي، إذا لم يتم تحقيق ما أْتفق عليه، من قبل، مما يعني إعلانها دولة مستقلة، لكن دون ذكر مفهوم تفاصيلها وآلية اختيار حاكمها وحكومتها وبرلمانها وغيره وهذا يقتضي استكماله في حامله السياسي والاجتماعي والمواد المقترح تعديلها وإضافتها للدستور وأرى استفادتها من دستور دولة حضرموت الاتحادية-المنشور بجريدة الطليعة- التي كان من المقرر إعلانها بتاريخ: 9يناير/1968م من سلاطين الكثيري والقعيطي وغدرت بهم بريطانيا واستبقت اعترافها باستقلال الجبهة القومية عام1967م..

3-حضرموت في أدبيات العصبة الحضرمية في وثيقتها الأخيرة: تقر إقامة دولة حضرموت و تقرير الشعب مصيره..

4-حضارم المجلس الانتقالي: يتبنون رؤية مجلسهم المركزي في عدن: دولة جنوبية اتحادية-فيدرالية،تكون فيها محافظة حضرموت، إقليماً كبقية محافظات الجنوب، كما يعلنونها في تصريحاتهم، لكن لانجد تفاصيل مفهوم هذا الإقليم بأية وثيقة رسمية صادرة عن المجلس، كما طلبتها شخصياً من قيادات فيه فلم أزود بها للآن..

5-موقف التحالف العربي والغربي؛المعلن مع المرجعيات الثلاث الرئيسية، لكن مايعتمل على الواقع وكذلك المفاوضات الجارية في سلطنة عمان و الأردن، بما فيها مع الحوثيين قد تتمخّض عن شيء آخر، كما تابعنا ما نشر بموقع تاربة اليوم، مؤخراً: تعليق للدكتور محمد علي السقاف على تصريحات منسوبة للسفير الأمريكي في اليمن تتحدث عن تبشيره بقيام دولة حضرموت ووصفه السقاف: بتصريح خطير جدا، مضيفاً:(و يفترض إذا صح ذلك اعتباره تدخل في الشئون الداخلية للسيادة الوطنية الا اذا كانت زلة لسان من جانبه و يقصد اقليم حضرموت..).

▪️خلاصة البحث:

المتابع للمشهد اليمني يلاحظ حجم رعب وقلق الطامعين في ثروات حضرموت، سواء بجنوب اليمن أو شماله و أبداه أتباعهم من الحضارم، للأسف الشديد بشبكات التواصل الاجتماعي وتجلّى خلال فعالية يوم حضرموت الوطني، نحو استقلالية حضرموت وتجاه ذلك قد يتمسك بعضهم بالوحدة وقد قالها الجنوبي/محمد علي أحمد، أثناء مؤتمر الحوار أنه مستعد بتوقيع وحدة مع الشمال مدى الحياة بدون قيد أو شرط ولا تستقل حضرموت حتى بإقليم!! فيما آخرون متشبثون بالبقاء مع الجنوب ولم يعتبروا من النكبة الأولى لحضرموت وهذا يستدعي سرعة تدخل أصحاب الحل و العقد بيننا، لتسود لغة العقل والمنطق والوصول بسفينة حضرموت إلى بر الأمان وأرى الاسترشاد و الاستئناس بوسطية وثيقة الاجماع الحضرمي المتمثلة بوثيقة مؤتمر حضرموت الجامع و ممكن مزاوجتها مع مبدأ حق تقرير المصير لشعب حضرموت، باستخدام أسلوب الفرض والكي، كعلاج أخير أمام الموقف الوطني و الإقليمي والدولي، طالما تأخر إعلان الأقاليم المرتبطة بالأستفتاء على الدستور الاتحادي و هو الاخر مرتبط بانتهاء الحرب القائمة مع الحوثيين..
كما على جميع الحضارم واجب تعزيز الهوية الحضرمية والحفاظ عليها والتوعية بأهميتها بين جيل اليوم والغد وضمان الآلية الضامنة والآمنة بسرعة تحقيق استعادة حقوق حضرموت المشروعة-المسلوبة، لينعم أبناؤها بخيراتهم-كحال مأرب-في ظل معاناتهم المتواصلة من الفقر والجوع والسعي لتدارس وإيجاد المكونات لوسيلة تعجّل بتحقيق استحقاقات حضرموت الكبرى، سواء بإقليمها المستقل بكامل صلاحياته أو دولتها المستقلة المنشودة.

* توصيات البحث:

يوصي البحث بالآتي:

-أولاً:على المكونات و النخب الحضرمية و وسائل إعلامها:

1-تعزيز الهوية الحضرمية وإيلاء عناية دور العلم و منابر المساجد و الوسائل الإعلامية المختلفة بتوعية جيل اليوم والغد بأهمية الحفاظ عليها و الإقتداء بسيرة ومسيرة الآباء والأجداد تربيةً و سلوكا..
2-سرعة ايجاد أي اطار تنسيقي يجمع ممثليها، وفق توصية اللقاء التشاوري لفريق مجموعة حضرموت الخير، لحسم أي موقف طارئ و مصيري، تجاه الدولة المنشودة وحق تقرير المصير لشعب حضرموت، إذا لم تحقق استحقاقات حضرموت، بمافيها إقليمها، بالاسترشاد بمرجعية وثيقة ومخرجات مؤتمر حضرموت الجامع التي سبق الاجماع عليها.

-ثانياً: لرئاسة مؤتمر حضرموت الجامع واللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر العام الثاني؛ التأكيد على التالي:

1-أن تكون حضرموت وفي اطار أية تسوية سياسية قادمة للبلاد؛ إقليماً مستقلاً بكامل صلاحياته وإذا تغيّرت أحكام ومرجعيات التسوية السياسية القائمة إلى إقليمينِ: جنوبي وشمالي أو دولتينِ..فحضرموت يجب أن تكون إقليماً مستقلاً أو دولةً ثالثةً، لاعتباراتها التأريخية التي يتجاوز عمرها أكثر من خمسة آلاف سنة وفي أعماق عصور ماقبل الميلاد..و على أن ينصَّ الدستور الاتحادي على حقِّ إقليم حضرموت ترك الاتحاد متى رأى أنه لم يعد على النحو الذي أتفق عليه، وفق نصِّ وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع.

2-سرعة تدارك النواقص والتقييدات الدستورية التي طالب بتصحيحها مؤتمر حضرموت الجامع، لكن عليه تشكيل فريق قانوني وسياسي، لتنصيص المواد الدستورية البديلة، قبل انعقاد مؤتمره العام الثاني وعرضها والمصادقة عليها ضمن فعالياته..

3-يؤيد و يبارك البحث الدعوة الأخوية الصادقة لمؤتمر حضرموت الجامع، لجميع الحضارم في الداخل والمهجر بإلالتفاف حول وثيقة و مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع، لتصبح نقطة انطلاق لنهضة وتنمية حضرموت وبما يحقق حرية و كرامة الحضارم وتوحيد الكلمة والصف لإنجاح مخرجاته وإيجاد حامل سياسي واجتماعي يعمل على ترجمة ما تمَّ الوصول إليه على أرض الواقع، من خلال بلورة اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر العام القادم لمؤتمر حضرموت الجامع واستعانتها بالفريق القانوني والسياسي المختص بها.. للرؤى الآتية:
أ-غربلة وشمولية النظام الأساسي ولوائح مؤتمر حضرموت الجامع، لاستيعاب كل الفئات الاجتماعية والمكونات الحضرمية ضمن قوامه ووضع المعايير العلمية والخبرة العملية، لتولي هيئاته العليا وتحديد دورية انتخابها ومنع أية ازدواجية بعضويته تتعارض مع هويته الحضرمية وأهداف وثيقته ومخرجاته..
ب-أن تتضمن رؤية الحامل السياسي والاجتماعي للمؤتمر الجامع؛ تبنيها القضية الحضرمية وتعزيز هويتها الأصيلة و الحفاظ على تربتها التاريخية واستعادة حقوقها المشروعة وتحديد نسبتها المئوية من نفطها وكل ثرواتها الطبيعية وايراداتها الضريبية والزكوية وتضمينها مشروع الدستور الاتحادي وقبل التصويت الشعبي عليه، كشرط أساسي لإقليم حضرموت أو بحالة تركه للاتحاد وإعلان الدولة المنشودة للجميع و وضع مفهوم تفاصيل أركانها..

-مراجع البحث:
1-بحث الدكتور/عبدالله سعيد باحاج(الهوية الحضرمية:مكوناتها و أثرها على الهوية الجنوبية،لمحات و محطات)نشرت هذه الدراسة في24يوليو2011م في موقع(المكلا اليوم)ثم بكتيب..
2-بحث الأستاذ/أحمد سالم بلفقيه،الهوية الحضرمية(للجنوب العربي)
3-بحثي:الرؤية السياسية للإقليم في وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع،عدد(3)ديسمبر/2022م، بمجلة حضرموت الجامع.
4-وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع(ملزمة).
5-كتاب:وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
6-كتاب:مسودة دستور اليمن الجديد(للدولة الاتحادية).

و الله الموفّق للجميع..

*قدمته بندوة،بتاريخ:24/ديسمبر/2022م وأعدت نشره،لمصادفته،اليوم،ذكرى منعطف تاريخي لحضرموت،مشار إليها ببحثي هذا و أسعد برأيكم فيه،أصدقائي الكرام..؟؟

عن ادارة التحرير

Avatar

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *