قطرات من فيض رمضان ( 2 )
✍🏻 أحمد باحمادي..
أحبتي القرّاء الأكارم : دعونا نرتشف معاً هذه القطرات المتنوعة والمفيدة التي تنهمر علينا من سحائب المعارف الرمضانية راجين من المولى جل في علاه أن تنال القبول والنفع ..
● التهجد بالليل :
الأولى بالمسلم أن يكون له ركعات في ليالي رمضان حتى يكتب من المتهجدين .. فعن معاذ رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله! أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويُباعدني من النار، قال: لَقَدْ سألْتَ عَنْ عَظِيمٍ وإنَّهُ لَيَسِيرٌ على مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤْتِي الزَّكاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ، ثم قال: ألا أدُلُّكَ على أبْوَابِ الخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ الخَطِيئَةَ كما يُطْفىءُ المَاءُ النارَ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ، ثم تلا {تَتَجافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجعِ} حتى بلغ {يَعْمَلُونَ} … )
قال ابن رجب رحمه الله: ومما يُجزَى به المتهجِّد في الليل : كثرةُ الأزواج من الحور العِيْن في الجنة, فإن المتهجد قد ترك لذة النوم بالليل, ولذة التمتع بأزواجه طلبًا لما عند الله عز وجل, فعوّضه الله تعالى خيرًا مما تركه, وهو الحور العين في الجنة. الجامع المنتخب / 69
● *روح الصيام :*
يقول علي بن مصطفى الطنطاوي رحمه الله في كتابه ( فصول في الدعوة والإصلاح ) : ( لا تدري أن الإسلام عاد غريباً كما بدأ غريباً، صار غريباً في بلاده وبين أهله. إن المساجد تمتلئ بالمصلين، والناس يصومون في رمضان، والحجاج يزداد عددهم سنة بعد سنة، ولكن الصلاة والصيام والحج فقدت عند كثير من الناس روحها وبقي جسدها.
إن سموم أعداء الإسلام دخلت إلى مجتمع المصلّين الصائمين، إلى بيوتهم، إلى أفكار رجالهم، إلى أزياء نسائهم، إلى مناهج مدارسهم، إلى قوانين محاكمهم ).
● المفطرون في رمضان :
إن أجلّ فائدة نستفيدها من كتاب «صيد الخاطر» لابن الجوزي هي أنه : ما منا إلا مَن نال لذّة في معصية أو حمل ألماً في طاعة. ففي رمضان نتحمل مشقّة الجوع في يومه الطويل والعطش في حرّه الشديد، فما الذي يبقى من تعب الصيام بعد أن يؤذّن المغرب فنأكل ونشرب ؟ والذي غلبَته نفسه وسيّره شيطانه، فأفطر في رمضان وأعطى نفسه شهوتها وأتبعها لذّتها؟ ماذا بقي الآن من هذه اللذّة ومن ذلك الألم؟
● تحبيب الصوم إلى الأطفال :
كان من عادة أهل الشام أنهم يعلّمون الصغار الصيام الذي يسمونه «درجات المئذنة»؛ يصوم الطفل من الفجر إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ومن العصر إلى أن يفطر مع الكبار عند الغروب.
ويُعِدّون له في أول يوم يصومه كاملاً «سفرة إفطارية»، وهي مائدة خاصة بالطفل الصائم فيها أطباق صِغار فيها من كل ما لذّ وطاب، من الطعام والشراب ومن أصناف الحلوى وأنواع الفاكهة الموجودة. ويتصدرها الطفل الصائم يحفّ به الأهل ويمدحونه ويثنون عليه، ويعلمونه كيف يحمد الله ويشرحون له عظيم الأجر عند الله، حتى يسمعوا مدفع الإفطار. وكانت هذه المائدة من أشد الوسائل أثراً في تحبيب الصيام إلى الطفل.
● إلاّ الصوم، فإنه لي :
أذّن المغرب فأبيحَ لنا ما كان محرّماً علينا؛ كنّا نرى الطعام الشهيّ أمامنا ونحن نشتهيه، والشراب البارد بين أيدينا ونحن نتمناه ونرغب فيه، فلا نمدّ إليه يداً، نكفّ النفس عنه ومُناها الوصولُ إليه، لا يمنعنا منه أحد ولا يرانا لو أصبنا منه أحد، ولكنه خوف الله. لذلك قال الله في الحديث القدسي: «كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصوم، فإنه لي».
● التراويح .. رياضة للروح والجسد :
يقول أبو حامد الغزالي : ( إن النفس لا تنكسر ولا تُزل بشئ كما تُزل بالجوع فعندها تسكن لربها وتخشع له وتقف علي عجزها وذلها ) لكن الكثير منا بعد الإفطار يملأ معدته بالكثير من الأطعمة حتى تثقل فيتقاعس عن الصلاة .. وإن صلى غابت عنه الطمأنينة والخشوع لامتلائه وتخمته وهنا تظهر حكمة التراويح التي هي رياضة للجسد، وراحة للروح، ومدعاة للأجر.
● الصوم .. شفاعة وتكفير للذنوب :
الصوم عبادة جليلة يؤديها العبد لتُمحى عنه ذنوبه وتُكفر عنه خطاياه، قال – صلى الله عليه وسلم -: «فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره تكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (رواه البخاري).
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: أي رب منعته النوم بالليل، فشفعني فيه قال: فيشفعان»
● *نلتقي في قطرات رمضانية أخرى بإذن الله تعالى .. تقبل الله صيامكم وطاعتكم.*