قطرات من فيض رمضان ( 3 )
✍🏻 *أحمد باحمادي..*
● *أيها القرّاء الأكارم : دعونا نرتشف معاً هذه القطرات المتنوعة والمفيدة التي تنهمر علينا من سحائب المعارف الرمضانية راجين من المولى جل في علاه أن تنال القبول والنفع ..*
● *الشهر الاستثنائي :*
عن روعة رمضان يقول د. عبدالكريم بكار في إحدى مقالاته : ’’ ونحن نشعر جميعًا أن هذا الشهر المبارك كان يشكل احتفالية روحية ضخمة شارك فيها المسلمون : صغارهم وكبارهم في سائر أنحاء المعمورة.
إننا لا نعرف عبادة من العبادات تستحوذ على اهتمام المسلمين على النحو الذي نجده في عبادة الصيام.
لقد تعود المسلمون التعامل مع شهر رمضان على أنه شهر استثنائي، وهذا يعود في الأساس إلى ما لمسه الصحابة -رضوان الله عليهم- من إقبال نبيهم -عليه الصلاة والسلام- على العبادة في كل رمضان، ولاسيما العشر الأواخر منه‘‘.
● *روح المقاومة في رمضان :*
رمضان يصلِّب لدينا روح المقاومة، ويقوّي الإرادة والعزيمة، وينبغي أن نستفيد من ذلك في جعل شهر الصيام مناسبة لتغيير بعض العادات غير المرْضيّة واكتساب بعض العادات الحميدة؛
والحقيقة أن الذي يجعل الإنسان ملتزمًا ومتفوقًا ليس سوى صفات قليلة، كما أن ما يجعل سلوك الإنسان، يوصف بالسيّئ أيضًا ليس بالكثير، إنه يكفي أن يتخلص المرء في كل رمضان من عادة واحدة سيئة وإحلال عادة حسنة مكانها حتى يجد نفسه بعد خمس سنوات وقد انتقل من شخص سيّئ إلى شخص عادي، أو من شخص عادي إلى شخص جيد أو ممتاز.
● *رمضان شهر التقوى :*
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : “أمر الله بالصيام لأجل التقوى، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن، يدع طعامه وشرابه»
فإذا لم تحصّل التقوى لم يحصل له مقصود الصوم، فينقص من أجر الصوم بحسب ذلك” [مختصر الفتاوى المصرية: (289)].
ومع أن العبادة تنشئ التقوى، فإن التقوى بدورها تدعو لعبادة الله، وقد صحَّ أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال لأبي ذرٍّ ناصحاً ومعلِّماً: «اتَّق الله تكن أعبد الناس» [حسَّنه الألباني في صحيح الترمذي: 1876، وأخرجه في الصحيحة: 930].
● *دعاء رمضان :*
إن الأزمنة الفاضلة محل لاستجابة الدعاء قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] ، وهذه الآية اكتنفها قبلها وبعدها تشريع الصيام،
ولهذا قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير : وفي هذه الآية إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان.
قال الحافظ ابن كثير : ’’ وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة بل وعند كل فطر‘‘.
● *مضاعفة أجر الصيام :*
الذكر في الزمان الفاضل والمكان الفاضل أفضل منه في المكان والزمان المفضول، وتقرير ذلك أن الزمان والمكان الفاضلين مما تضاعف فيه الحسنات، هذا هو الأصل .. والذكر من أحسن الحسنات فهو يضاعف في الحرمين ورمضان.
قال ابن رجب في اللطائف ما نصه: واعلم أن مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها: شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل؛ كالحرم، ولذلك تضاعف الصلاة في مسجدي مكة والمدينة؛ كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام»، وفي رواية: «فإنه أفضل»
وكذلك روي: أن الصيام يضاعف بالحرم ، وفي سنن ابن ماجة بإسناد ضعيف عن ابن عباس مرفوعًا: «من أدرك رمضان بمكة فصامه وقام منه ما تيسر، كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما سواه» وذكر له ثوابًا كثيرًا، ومنها: شرف الزمان؛ كشهر رمضان وعشر ذي الحجة.
● *نلتقي في قطرات رمضانية أخرى بإذن الله تعالى .. تقبل الله صيامكم وطاعتكم.*