إدارة التحولات الاستراتيجية اليمنية عبر علاقتها بالمكونات السياسية
بقلم/ أحلام الكثيري
10 ابريل 2023م
ســـأحاول من خلال هذا المقـال القصــير، محاولة تفكيك العنوان المكون من أربع كلمـات ” إدارة، تحولات، اســتراتيجية، المكونات السياسية”، والتي تشكل مفاهيم ونظريات وخـارطـة طريق، لهـا دلالاتها السياسية، لمحاولة فهمها وإسقاطها على متغيرات الواقع السياسي اليمني بشكل مبسط.
فمن المعروف أن لكـل ظـاهرة سياسية، قانون يفسرها، وهنا تكمن مهمة الكاتب للبحث عن هذا القانون، لتفسير الوضـع اليمني المحلي ضـمن قانون الأرض أو الجغرافيـا، سـواء من نـاحيـة المفاهيم والنظريات وخـارطـة الطريق السياسية.
في المفاهيم السـياسـية، والتي تعرف بعلم السـيـاسـات ظهر مصـطلح “الجيوسـياسـية” أي الجغرافيا السياسية ومصـطلح أخر “الـجـيـوبوليـتـيـك” المكونـة من”Geo” أي جغرافيا،”politic” أي السياسة، ويرى المفكر رودولف كيلين” أن الدولة كائن عضـوى متطور وليس ثابت، فالأرض هي جسد الدولة، وعاصمتها القلب والرئتان، أما البحـار والطرق والموانئ.. الخ، فهي شـريان الدولة، في حين أن المناطق الغنية بالموارد الأوليـة والمعدنية، هي مصـدر نموها، والسـكان هم الخلايا عند الكائن الحي والعامل المحرك للدولة”.
وعلـيـه يـمـكـنـنـا أن نعتبر أن الجغرافيا “الأرض” هي مصـدر الـقـوة للتعبير عن المواقف السياسية، وفي ظل التغييرات السـيـاسـية والأمنية التي طرأت على اليمن ما بعد ۲۱ سبتمبر ٢٠١٥، من بعد الانقلاب الـمـسـلـح للـحـوثـيـن، وانشقاق عدة أحزاب سياسية عن الدولة، مشـكّـلـة بذلك مكونات سـيـاسـية مناوئة للشـرعية، ومكونات سـيـاسـية معارضـة للحكومـة الشـرعيـة ومـنـاوئـة لحكومة الحوثين، ومكونات أخرى معارضة للشرعية وللحوثين معًا، ومكونات سياسية حديثة، ظهرت بظهور النزاعات والصـراعـات السياسية والأمنية الغير مستقرة؛ فقـد تشـكّـلـت في حضـرموت والـمـهـرة وشـبـوة “مـؤتـمـر حضـرموت الجـامع، ومرجعيـة قبـائـل حضـرموت، حلف أبنـاء وقبائل المهرة وسـقطرى، وحلف أبناء وقبائل شبوة …الخ ،ومكوّن آخر جنوبي “الانتقـالي “، ممـا يعني أن الحكومة الشرعية ليست هي الفاعل السـياسـي الوحيد، فهناك عدة فواعل سـيـاسـيـة متنوعة، عبر نطاق جيو سياسي، جيواقتصادي، وجيوديمغرافي.
فماهي الخطط الاستراتيجية التي ســيرسـم معالمها مجلس القيادة الرئاسي، بقيادة الدكتور رشـاد العليمي، بعد اتفاق الهدنة، مع حـكـومـة الحـوثي، والبـدء في مـفـاوضـات السـلام في اليمن، بمشــاركـة الحلفـاء الـدوليين والإقليمين لليمن، وكيف سـيتم إدارة التحولات الاستراتيجية في اليمن، عبر علاقتهـا بـالمكونـات السـيـاسـية المحلية، في نطاق المناطق المختلفة في التوجهـات السـياسـية؟، وهل نطاق المناطق وعلاقتها ببعضـها البعض بمجال التفاهمات السـياسـية بمعزل عن مفهوم الجغرافيا السـياسـية؟ أي الحـدود الجغرافيـة للـمـمـثـلين المفاوضين السياسين فيها؟، أم عبر نطـاق المجـال الحيوي؟، أي المساحة الحيوية الفاعلة، والتي تؤطر مدى فاعلية تفاعل كينونة حركة المكونات السياسية القديمة مع المكونات السياسية الحديثة، والـمـمـثـلين لقـاعـدة شـعبيـة جماهيرية، من جميع المناطق؟، فبسبب الحرب وفرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على اليمن”، شـمالاً، شـرقا، غربا، وجنوبًا، وعلى الرغم من تغير تركيبـة السـياسـة اليمنية، عما كانت عنه إبان عهد الرئيس السابق “علي صالح” وبالرغم من وجود مناطق محررة تحـت سـيطرة الحكومة الشـرعية، إلا أن تغير التركيبة السـياسـية لم تتطور سـيـاسـيا وتنمويا، بل ظلت تحـت دائرة صـراع المتنفذين سياسيًا وقبليًا ومنـاطقيـا وجهوي ا، مما عزز دور بعض المكونات التي تدعي أحقيتهـا في الانفراد بـالتمثيـل السياسي لأغلب المناطق!
وأخيرا فـإن مجلـس الـقـيـادة الرئاسـي أمام رهان سـيـاسـي لتخطي الأزمة السياسية اليمنية الدولية والإقلامية من جهة، ومن جهة أخرى تفعيل دور الفواعل السـيـاسـيـة لجميع المكونات السـيـاسـية، من ذوي الكفاءات السياسية والقانونية والتنموية، لتأسيس رؤية سياسية وطنية، مبنية على الشـراكة النـديـة في جميع المجالات السـيـاسـيـة والاقتصـادية والأمنية والتنموية، والتي ســتـشـكّل مفتاح خارطة الطريق السياسية لليمن فيدرالي اتحادي لا مركزي.