حيّ على الحوار
الكاتب/ فائز الصيعري
10 مايو 2023م
استمعت لكلمة الدكتور صالح محسن الحاج رئيس مايسمى الحوار الجنوبي ، والذي تحول بقدرة قادر الى لقاء تشاوري ! .
ولا أدري عن حقيقة القصة التي رواها ، مع ذلك الحضرمي الذي رفض أن يقول لهم صباح النور ..! ، وقال : لانريد أن نتكلم أو نتحاور معكم ، وقال بعد أن أعطاه الحاج الأمان وهو في المكلا ضيفا.!! : نحن الحضارم لايهمنا إلا دولة حضرمية ..
ثم قال له الحاج : ان هذه الدولة التي يدعو لها الانتقالي هي دولة فدرالية ، وقائمة على أقاليم ولكل أقليم استقلالية ، مالية وإدارية وتنمية وتعليم وصحة الخ ، وأنه حتى دولة الحزب الاشتراكي ، كان من يدير فيها المال والاقتصاد هم حضارمة .
ويظن هذا الحاج وبعض الظن إثم أنه بهذه الكليمات ، وما تبعها من تصفيقات وصفقات ، قد أقنع حضرموت بشعبها ، ومكوناتها السياسية والقبلية بمشروعه المزعوم ، بينما لو كلّف نفسه بقراءة مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع فقط ، والذي يمثل الحد الأدنى من تطلعات الحضارم المتوافق عليها ، لأيقن أنه في واد والحضارم في واد آخر .
أما لو أنه اطّلع على مشروع المكونات الحضرمية المطالبة بدولة حضرمية مستقلة ، لعلم أنه يؤذن في مالطا .
فهل يعي الحاج أن حل قضية حضرموت ، لا تكمن في تغيير حضرموت من مسمى محافظة ، حسب التقسيم الإداري لليمن الاشتراكي ، إلى مسمى إقليم على نفس الحدود الجغرافية ؟
مستمرئ بذلك الجريمة التي ارتكبها نظام عدن ، بتقسيم جغرافيا حضرموت التاريخية ، واقتطاع اراضيها وتقطيع أوصالها .
وهل يدرك أن ما أعطي لحضرموت جغرافيا ، في مؤتمر الحوار اليمني -والذي لم تشارك فيه المكونات الحضرمية المستقلة- إقليما ضم كل أراضيها التاريخية ، وهو أكبر مما يمنّينا به اليوم في لقائه التشاوري ؟
عزيزنا الحاج بقدر عدم استطاعتك التحدث باللهجة الحضرمية، رغم محاولتك لوي لسانك ، بقدر ما لحضرموت من هوية تاريخية مستقلة عنكم ، وعن جنوبكم سواء اليمني أو العربي -فسمه ماتشاء- ، ولذلك فإن قضية حضرموت تكمن في أن هناك شعب حضرمي له هويته الحضرمية التاريخية ، وحدوده الجغرافية ، فلا تنازل اليوم عن الهوية والأرض الحضرمية ، والتي قد سلبت منه عام 67م ، وبنفس الطريقة التي تحاولون تكرارها اليوم ، وآن لها أن تعود .
أما حكاية المال والاقتصاد الذي كان يديرونه حضارم ، فكلنا يعلم أن لا مال ولا اقتصاد لتلك الدولة البائدة ، إلا إن كنت تقصد تأميم الشركات الخاصة والمزارع والبيوت وحتى قوارب الصيد ، ونهب خزينة حضرموت والتي تحوي ملايين الجنيهات الاسترلينية ، فرغم كفاءة من ذكرت من الحضارم إلا أنهم كانوا مجرد أسماء لاحول لها ولاقوة ، فرّ منهم الكثير إلى خارج ذلك السجن الكبير ، فقد كانت السلطة والحكم بيد العسكر والأحابيش يذبح بعضهم بعضا في دورات الدم المتوالية ، طيلة 23 سنة هي عمر تلك الدولة الإشتراكية ، والتي انهارت بمجرد انهيار النظام الاشتراكي في روسيا بمديونية تقدر بأحد عشر مليار دولار .!
واليوم وبعد أن انقشع غبار التشاور ، عن مجرد هيكلة لمكون المجلس الانتقالي الجنوبي ، ووضع برنامج سياسي له ، فإن ذلك يثبت صواب مقاطعة المكونات الحضرمية له ، والتي سبقت بتشكيل قياداتها ووضع برامجها السياسية ، وتحاورها فيما بينها ، ثم توافقها على مخرجات تمثل حضرموت ومشروعها السياسي في التسوية السياسية القائمة .
والآن ليس أمام المجلس الانتقالي ، بعد أن رتب وضعه الداخلي -إن كان صادقا- إلا القبول بحوار حضرمي-جنوبي سقفه السماء ، تنبثق عنه قيادة مشتركة تسعى لجعل مخرجاته واقعا ملموسا ، وليبتعد عن لغة الضم والالحاق والتي عانينا منها جميعا ، وعليه ألا يستفز الحضارم وألا يختبر صبرهم ، فلا مكان لتزييف الحقائق ، ونشر البوائق ، وهو أعلم الناس بمن يمثل حضرموت اليوم .
فحضرموت لم تعد ذلك القاصر الذي يتحدث الآخرون باسمها ، ولن ترضى “بكلفتت” مكوناتها وابتلاعها ، كما حدث لبعض من ذهبوا الى عدن ، ثم عضّوا أصابع الندم .
فهنا حضرموت ، هنا الجغرافيا والحضارة والإرث التاريخي ، هنا الهوية ، وهنا العمق لأي دولة تريد الوثوب والانطلاق نحو المستقبل ، فإن غيبت فإنها ستمضي دونكم نحو هدفها المنشود.