حضرموت والمحضار .. في دان الهبيش

 

 

 

 

حضرموت والمحضار .. في دان الهبيش

 

مقال / فائز سالم الصيعري
11/ 6 / 2023م

لم تغب حضرموت يوما عن ضمائر أهلها ، كانت ومازالت حاضرة في مسامرهم ، يحملونها في صدورهم ، ويلهجون بذكرها ، أينما حلوا وارتحلوا ، ولم يكن شاعرنا الحضرمي الكبير حسين أبوبكر المحضار بدعا في هذا ، بل كان مثالا بارزا، وتعبيرا صادقا لتعلق الحضارم بوطنهم ، فنجده يرسل خطابات الشارع الحضرمي ، عبر مساجلات دان الهبيش ، والتي يقول المحضار في أحدها :

دالت صبيغتي قصوا ذبالي
وعادكم شلوا الفارسية
والوقت عاده مدي
بايقع تحقيق وحساب

وفي هذه الأبيات ، التي قيلت بعدما أصدر أول رئيس لليمن الجنوبي قحطان الشعبي، في ديسمبر 67م قرارا جمهوريا بإلغاء إسم حضرموت ، والذي صمد لأكثر من 5 آلاف عام ، وتسميتها بالمحافظة الخامسة ، وقص واقتطع المناطق الشمالية الغربية منها وهي ( عرما والطلح ودهر وبلاد الواحدي) وضمها الى بلاد العوالق وبيحان ، لتتشكل منها ماسمي بالمحافظة الرابعة (شبوة فيما بعد) .

ولقد صدق المحضار فقد عاد إسم حضرموت مرة أخرى ، بينما تقاتل الطارئون على السلطة في غفلة من الزمن ، وتفرقوا وتمزقوا شر ممزق ، فتفتقت قريحته في أحد ليالي السمر الحضرمية قائلا :

ردفان تشكي من الضالع
من صدق والا جات محكيه
مابادخل مابين هذولا
والله نحاسبك يالمخطي حساب

ولقد ظل رأس شاعرنا المحضار مشغولا بحضرموت ، فهو ذلك الحضرمي المخلص لوطنه ، المشفق على ما ألم به ، المدافع عن حماه ، يحرسه بعينيه من الغزاة والطامعين فقال :

حواسي في الراس دارت
ولقيت ع المصنعة ديوريه
يحرسون مال العرب غالي القيم
في كل طاقة ثنعشر وار

كيف لا وهو الذي بات يحرس وطنه بعينيه ، خوفا عليه من الشرور والآفات ، ويرجو الله أن يحفظه من نظرة العين الحاسدة ، معبرا عن ذلك في قوله :

عين بالشرق
والثانية من قدا النيد
محد عطانا خبر
من كل آفه وعله
لي تحفظه من شطة العين

وفي أحد مساجلات الدان الساحلي ، ارتجل شاعرنا المحضار موقفا وطنيا ، بضرورة الاعتماد على النفس ، وعدم ترك الأمور بيد الآخرين يعبثوا بموازينها، ويخفوا قوانينها، قائلا :

بوزن بواقي
ولابعتمد ذا السنة ع واق باعامر
وانته يابن مقمر
عمدت الشحر وأخفيت القوانين

لقد رحل المحضار رحمه الله وترك لنا بفطرته وصية مهمة ، علينا أن نعض عليها بالنواجذ ، فقد آن الأوان لنزن بواقنا الحضرمي ، حتى نذهب بحضرموت نحو المستقبل المنشود .