وحدة الصف الحضرمي :
هل هو خيار متاح أو ضرورة مستحيلة ؟!
لاشك أن كل شعب يطمح لنيل حقوقه المنقوصة لأي سبب( سياسي أو اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي ) بحاجة لوحدة صفه وقيادة تتولى حمل قضيته والتضحية في سبيل فرض حقوقه ….
والحضارم لا يمكن أن يستثنوا من هذه القاعدة، غير أن الملاحظ على النخب الحضرمية بالرغم من قناعتهم ودعوتهم التي نسمعها منهم جميعا ومع الاختلاف في توجهاتهم السياسية ينادون بضرورة وحدة الصف الحضرمي إلا أنهم في حواراتهم ولقاءاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الندوات السياسية لا يخدمون هذا الهدف المتفق عليه ، فما السبب ؟!!!.
الاختلاف هنا لا يتعلق بتفاصيل يمكن تجاوزها والوصول لأصول يجتمعون عليها المتحاورين، بل الأمر يتعلق بأساسيات لا يمكن قبول كل طرف بالتنازل عنها !!! .
الاختلاف على الهوية والقضية الحضرمية ، وعلى حقوق الإنسان الحضرمي وجغرافية بلاده ؟!!! …
– فمن الحضارم من يرى أن هويته حضرمية وقضيته تعود لعام 67 م عندما تم ضم حضرموت قسرا للجنوب بمؤامرة حاكها المستعمر (بريطانيا ) قبل إجلائه من البلاد ، ولم يلتزم المستعمر بتعهداته للحضارم بإعطائهم الأستقلال ، وبمشاركة قيادات عسكرية حضرمية أنجرفت خلف دعاية القومية ووهم الوحدة مع الجنوب ، ومنذ ذلك التاريخ تم تجريد حضرموت من هويتها وتقسيم جغرافيتها والقطع بينها وبين تاريخها الحضاري وحرمان المجتمع الحضرمي من حقوقه المادية والمعنوية !!! ..
وهذه هي القضية الحضرمية الحقيقية ، ومن ينادي بها ينأى بحضرموت عن شمال اليمن وجنوبه الذين هم خلف هضم حقوق حضرموت !!!.
– ومنهم من يرى أن حضرموت جزء من الجنوب وبالتالي فهوية الحضارم جنوبية وقضيتهم مع الجنوب ضد الوحدة مع الشمال عام 90 م وغزوهم الظالم للجنوب عام 94 م ، وهؤلاء الذين قضيتهم مع الجنوب ليس للقضية الحضرمية أولوية في قناعاتهم بل إنهم يعتبرون من يدعو لها خصم لقضيتهم الجنوبية وموالي للوحدة مع الشمال خصمهم اللدود !!! …
وهؤلاء هم من لايزال يحن لعهد الأشتراكي الجنوبي ويعتبر زمنه الزمن الجميل !!!.
– وهناك فئة من الحضارم مشغولين بحاضرهم ويتطلعون لمستقبل امتداد للماضي القريب ( دولة الوحدة اليمنية ) ، فقضية عام 67 م منسية عندهم( ربما لأنهم لم يعاصروها ) وقضية ليست مع الجنوب الذي لا يرغبون في العودة لعهده ولا يذكرون الجنوبين بخير في ماضيهم وقت دولتهم الأشتراكية ولا في حاضرهم مع المتصدر لقضيتها حامل لواء قضية الجنوب ( الانتقالي ) لأنه قدّم أسوأ نموذج للدولة التي يبشر بها !!! …
وهؤلاء من لايزال عنده أمل في دولة النظام والقانون التي يذكرها كلما تذكر الواقع الذي تعاني منه البلاد والعباد !!!..
هذا التباين الواضح جعل من المستحيل على كل طرف تقديم تنازل، لأن هذا التنازل يعني تنازله عن قضيته التي يقتنع بها ويكافح وينافح من أجلها !!! .
وليس ذلك فحسب فهناك خلف كل فئة من هؤلاء مستفيدين محليون وإقليميون ودوليون ، ومع كل توجه أنصار على الأرض الحضرمية يقدم لهم الدعم المعنوي والمادي والسياسي والإعلامي ، مع التفاوت بين تلك التوجهات في الحصول على الدعم من داعميه، ويتفاوت هذا الدعم بين دعم خجول لا يكفي لنصر مظلوم ودعم لا محدود يقلب الباطل حق !!!.
على هذا الواقع لن يكون للحضارم أمل في وحدة صف لكلمتهم وأنتزاعهم لحقوقهم !!! .
وإذا استمر الحال وفق هذه المعادلة فبالتأكيد لن تكون محصلتها عادلة، وستميل الكفة نحو الفئة التي تحضى بالدعم اللاّ محدود ، والملاحظ أن هذا الدعم يذهب لأصحاب التوجه لمشروع يبتعد عن الهوية والولاء للقضية الحضرمية فبالتأكيد نتيجته ستكون عودة حضرموت لما كانت عليه من قبل ، تابعة بلا هوية ولا حقوق إلا ما تفضّل به عليها الغريب !!! …
فالمعركة اليوم في حضرموت معركة فكر وقناعات، وعلى أصحاب القضية الحضرمية الحقيقية أن يجتهدوا لتصحيح المسار بتوعية المجتمع الحضرمي بحقوقهم وقضيتهم وتاريخهم، لكن هناك ضعف في الإمكانات ومقاومة شديدة من أصحاب التوجهات الأخرى بدعم من داعميهم ، الذين وفّروا لهم الإمكانات والٱلة الإعلامية المؤثرة والغطاء السياسي وحتى الأمني ، لدرجة أن أصحاب القضية الحضرمية لا يستطيعون إقامة فعاليات اجتماعية وحقوقية عنوانها القضية الحضرمية !!! …
فإذا كان انتظار وحدة صف مستحيلة بين الحضارم ويوجد مقاومة ضد أصحاب القضية الحضرمية تمنعهم من ممارسة حقهم الشرعي في المطالبة بحقوقهم فما الحل إذا لتسترجع حضرموت هويتها وكرامتها وحقوقها ؟! …
طبعا لن يكون هناك حل عادل للحضارم بعيدا عن قضيتهم الأصلية التي بسببها حرموا من حقوقهم وظلموا ظلما واضح يشبه ظلم الفلسطنيين في بلادهم، وبتشابه في عمر القضيتين، بل أن الحضارم الأسوأ ببقاء قضيتهم مجهولة وحقوقهم يتمتع بها الغريب ويحرمون منها !!!.
لن يستطيع أصحاب القضية الحضرمية انتزاع حقوقهم بحسب معطيات الواقع وبإمكاناتهم الذاتية المحدودة ، والتي بسببها ظلّت القضية الحضرمية لعقود مجهولة إعلاميا وحتي بين أبنائها الذين تم تغييبهم بفعل مقصود ، لذلك لا بد لهم من ظهير جيد وجاد يدعمهم دعماً يناسب الحاجة الفعلية ويوفر لهم مساحة وحماية لحراكهم لفرض قضيتهم وحقوقهم ، ولن يجد الحضارم أفضل ولا أقرب ولا أعرف بقضيتهم من قيادة بلاد الحرمين الشريفين حفظهم الله ، وهناك قواسم مشتركة تؤكد ضرورة التقارب بين الحضارم وبلاد الحرمين منها :
* أن هناك بعد استراتيجي لا يمكن تجاهله ، فحضرموت في تماس حدودي مع المملكة بطول 700 كيلومتر تقريبا ، فأي اختلالات أمنية تحدث في حضرموت لن تكون في منأى منها لا قدر الله ! ..
* المملكة أعرف دول الأقليم بمظلمة الحضارم مع كل الحكومات المتعاقبة على بلاد اليمن ، لأنها تحمّلت الكثير من الأضرار والجوانب السلبية التي ترتبت على الحضارم من هذا الوضع الشاذ الذي عانى منه أبناءحضرموت ! …
* هناك علاقة اجتماعية متداخلة بين الشعبين ، فحتى الحدود بطبغرافية مفتوحة ولا يوجد بينهما تضاريس جبلية فاصلة ، والحضارم يرون أن بلاد الحرمين أقرب لهم من جوارهم اليمني في العادات والتقاليد والأعراف الأجتماعية ، وهناك نسبة من الحضارم أندمجوا في مجتمعات بلاد الحرمين فهي أرض مهجرهم ومرزقهم ساهموا في تنميتها واستقروا فيها اجتماعيا واقتصاديا وكوّن الكثير منهم ثرواتهم فيها ، وكل البيوت في حضرموت تقريباً يدينون بالشكر لله ثم لبلاد الحرمين في استقرار أوضاعهم المادية وتدبير معاشهم …
لذلك على أصحاب القضية الحضرمية التمسك بعلاقة الشراكة مع بلاد الحرمين بدون تردد والتعاون والتشاور معها خدمة للمصالح المشتركة، والثقة وتقبّل النصح منها لما يخدم القضية الحضرمية ، فهم الأخبر والأعلم والأقدر على رعاية ودعم المنادين بقضيتهم وفرض القضية الحضرمية إقليمياً ودولياً ، خصوصا في هذه الظروف العصيبة التي تمر على البلاد والإقليم ،،،
ولنا رجاء في دعم بلاد الحرمين أن يرتفع ليكون على مستوى التحدي ، وكما يقال( العارف لا يعرّف ) وهناك جانبين لهما أولوية يحتاجهما الحضارم لنصرة قضيتهم ، وهما :
● إعلام خاص لا يخضع لسيطرة المتنفذين في حضرموت ، لتوعية المجتمع ودحر الأكاذيب والأفتراءات التي يعتمد عليها الطامعون في حضرموت ..
● ومشاريع تنموية تمس حاجة العوام الذين يمارس عليهم المتسلطون تقطيع الخدمات لهز ثقتهم بالمخلصين لقضيتهم ولإذلالهم على مبدأ ( جوّع كلبك يتبعك) ..
وعندها لن يصح إلا الصحيح ولن يصمد الطامعون ،،،
ومن ثمرات هذه الشراكة والتعاون هذا المجلس الحضرمي الوطني ، الذي نؤمن أن تأخير تدشينه لضمان تحصينه ، حتى يخرج ليبقى صامدا أمام دوامات الأحداث وطمع الانتهازيون في حضرموت ومقدراتها إن شاء الله تعالى ،،،
( سالم باوزير )