كفرنا بكم وبوطنكم
كتبه / فائز الصيعري
23 فبراير 2024م
“وطنٌ لا نحميه لا نستحقه”، كان هذا شعاراً من بقايا شعاراتٍ طُمِست على جدار أحد المباني المغتصبة ، تحت يافطةِ التأميم في حضرموت .
وما أن رأيتُ ذلك الشعارَ ، حتى قفزَ الى ذهني السؤال التالي : نحميهِ لمن ؟ وممَّن نحميه ؟ ، أليسَ ذلك الوطنُ المزعومُ هو من انتهبَ مافي أيدي مواطنيه.! ، ومنها ذلك المبنى الذي كُتِب على جدرانهِ تلك الشعارات ، لتحكي لنا عن قصةِ قهر الرجال ، حتى ذهبت نفوسُ الكثيرِ منهم حينها حسراتٍ على حقوقِهم التي نُهِبت أمام أعينهِم بين صريعٍ ومجنونٍ .
كان ذلك بالأمسِ .. واليوم كفرنا بكم وبوطنكم وشعاراتِكم الكاذبة ، ولو ادّعيتم صدقَها .
كفرنا بوطنكم الذي لا يجدُ فيه أحدُنا قطعة أرضٍ يبني عليها مسكناً لأبنائه ، الا شراءً .! ، فحتماً إن الوطن الذي تبيعون لنا منه قطعةً هو ليسَ لنا بوطن .
كفرنا بوطنكم الذي لا يجد فيه موتانا قبراً ليُدفَنوا فيه ، الا شراءً .! ولو قَضوا دفاعاً عن ترابه ، فلم يعد لنا وطن .
كفرنا بوطنكم الذي تتوارثون فيه الوظائف أحياءً وأمواتاً ، وكأنما هي حكرٌ لكم لا شريك فيها لكم ، والخرّيجون عاطلون يتكففون الناس عملاً .
كفرنا بوطنكم الذي تعاقِرون فيه شهواتَكم ، وتتضخم فيه أرصدتُكم ، بينما لا يجد مريضُنا مشفى ليتعالج فيه من آلامِه .
كفرنا بوطنكم الذي لا يجد فيه معلمٌ قوت عياله ، وتهضم حقوقه ، وتطالبونه بالتضحية.! ، بينما تهدرون الملايين في مواكبِكم ونثرياتِكم اليومية ، وتتقاضون رواتبَكم بالعملةِ الصعبة .
كفرنا بوطنكم الذي تنهبون ثرواته ، لِتُبيعونا إيَّاها بأضعافٍ مضاعفة ، وكأنَّما هي تِركةُ أجدادِكم ، ومانحن الا زبائنَ في سوقِ بضائعكم .
نعم كفرنا بِكم وبوطنكم ولا احترامَ لكم ، فلن نحميَ وطنَكم لتعيشوا فيهِ على معاناتِنا بعد اليوم ، وعلينا أن نستعيدَ الوطن من بين يدي فسادَكم ، حتى نشعر أننا مواطنون حقاً ، لنا وطنٌ نستحقهُ ، يحفظُ حقوقَنا ، وكرامتَنا ، ونعيشُ فيه بأمانٍ وسلامٍ .