حضرموت التاريخية بين الوعي الجمعي والتاريخ
بقلم / أحلام الكثيري
5 \ Mar \2024
“إن فهمنا للذاكرة التاريخية هي ضرورة من ضروريات فهمنا للواقع والتنبؤ به”
Khanfar،،
حين توقف امتداد التاريخ الحضرمي جغرافيًا، تم تجهيل الوعي الجمعي الحضرمي، بطمس الذاكرة التاريخية فاختلت الخارطة الجغرافية الحضرمية!
وعلينا كحضارم أن نستدرك أنه ثمة إشكالية في فهمنا لمعنى الذاكرة التاريخية والماضي، فالماضي أحداث انتهت وليس لها تأثير على واقعنا، بينما التاريخ صيرورة أحداث ديناميكية حدثت في الماضي، تفاعل معها الماضي وتشكل وعي في الماضي، ثم انتقل إلى سلسلة من التفاعلات وصلت إلى الحاضر وستصل بنا إلى المستقبل.
هناك مقولة لأحدهم ” إذا كانت الجغرافيا هي صنع الله في الأرض، فالتاريخ هو حركة الإنسان في الأرض”
أي أن الجغرافيا ثابتة بينما التاريخ والتدفق الحركي لتدافع الإنسان وتفاعله دائما متغيرة عبر الأزمنة،
فإن أردنا أن نتنبأ مألات واقعنا المجتمعي كشعب ذا هوية تاريخية ونسيج مجتمعي واحد في حضرموت التاريخية وفهمه بشيء من الواقعية، نجد أننا منذ 2015 ، وقد ظنت جماعة الحوثي أنها تستعيد تاريخ الدولة المتوكلية اليمنية، وان انتصار الملكية على الجمهورية هي البداية لترسيخ مملكته العقدية ذات الطابع الفارسي أمام الجمهوريين، لكنه لم يدرك أنها كانت هي بداية فصل تاريخي جديد للوعي الجمعي الحضرمي، وأن الجمهورية اليمنية الجنوبية الديمقراطية والجمهورية اليمنية اللتان أوقفت تاريخ حضرموت التاريخية، منذ ستة عقود، قد جعلت من الحوثي المدعوم من قوى دولية عظمى لها أجندتها في منطقة الشرق الأوسط، ليس إلا معول هدم لتاريخ وجغرافيا الجمهورية اليمنية، مستدعيا بذلك تاريخ حضرموت التاريخية من جديد، وعلينا أن نفهم الوعي الجمعي الحضرمي والتاريخ الحضرمي والتي هي نقطة الارتكاز الأولى لتوازن القوى الكبرى، التي تحرك المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في اليمن، وعلينا أن لا ننسى الجغرافيا الجيوسياسية كنقطة ارتكاز ثانية، ومن خلالهما يتم تشكيل الواقع الذي يرسمه المجتمع الدولي للخارطة الجغرافية اليمانية، نحتاج كشعب حضرموت التاريخية التميّز بين التاريخ كواقع وبين الوعي الجمعي الحضرمي، الذي هو تصوّر وإدراك لذلك الواقع، والذي قد يختلف عن واقع تاريخنا السابق لأننا هنا في حالة استدراك وفهم لواقع جديد فرض علينا، لكن كيف يمكن لنا أن نستثمر هدا الواقع كفرصة لتوظيف رؤيتنا ووعينا الجمعي وهويتنا الثقافية والسياسية والاجتماعية دون المساس بقيمنا الأخلاقية والدينية والإنسانية، وكي لا نقع في فخ استدعاء الزعيم أو القبيلة، ففي لحظات الضعف والهزيمة والانتصار، سنظل كشعب حضرمي بحاجة إلى استنهاض الوعي الجمعي، وعليه سيتم استدعاء التاريخ ورموزه وقصص التضحية في لحظات الهزيمة والانتصار معًا، ومما لا شك فيه أننا كأمة حضرمية لنا عمق تاريخي متجذر عبر عدة قرون.
وعلينا أن نعي المعنى السياسي والإنساني لمفاهيم الأمن القومي والمصلحة القومية كأي دولة ناضجة تحترم أصالة تاريخها وقيمها الإنسانية والتي لا تتغير عبر الزمن، وتظل المفاهيم ثابتة مهما تغيرت الأنظمة، فتكون بمثابة قوانين وأنظمة واضحة ليس للقيادات ورجال السياسة، بل لعامة الشعب الحضرمي فهم من سيؤيدون وهم من سيدفعون الثمن في حالة الصراع، وعليه يجب علينا كشعب حضرموت التاريخية أن نعرف ما هي مصالحنا؟، وما هو أمننا؟ وكيف نتعامل معه؟ وعند الضرورة كيف نضحي به؟ فالأمم التي تجهل مصالحها وأمنها، من السهل تطويعها واضعافها، ولن يكون لها دور في سيادة قرارها!