وماذا بعد يا حلف قبائل حضرموت ؟!
مغامرة جريئة وهبّة جديدة تصدرها حلف قبائل حضرموت ، فهل كانوا يتوقعون مشاركة هذه الجموع من المناصرين المؤيدين للحلف وغيرهم ؟!
ولو سألت عوام المجتمع الحضرمي عن رأيه في هذه الهبّة الجديدة لأكد لك تأييده لها ، مسكين الشعب الحضرمي تضرر كثيرا حتى بلغ به اليأس أن فقد الثٌقة في السلطة المحلية والحكومة والرئاسة وحتى التحالف والمجتمع الدولي !!!.
نعم المجتمع الدولي الذي استلم ملف البلاد وأبقى جذوة نار حربها مشتعلة فهو المسؤول الأول عن معاناة العباد والبلاد ، واليوم هو يصدر بيانات الأحصاءات للأحداث التي تمس حياة الناس فقط بدون أن يكون له دور في حلها ، وآخر أحصائية أصدرها ذكر أن نسبة الفقر في البلاد بلغت 74% ، المجتمع الدولي كالمتفرج على فلم سينمائي والناس في البلاد يتجرعون الآلام ( والذي يأكل الضرب ماهو كالذي يحسب عدده ) ( فالنار ما تحرق إلا رجل واطيها ) ،،،
وكل أجهزة أدارة البلاد في الشطرين ( الشرعية والحوثي ) في وضع غير طبيعي ، ينخرها الفساد وسوء الأدارة وفي تجاوزات للدستور وضعف القضاء وخلل في الامن وعلل كثيرة تؤكد فشل إدارة الدولة التي تتجاذبها مصالح قوى دولية متنفذة !!!،،،
حضرموت تميزت بأفضلية استقرار نسبية بسبب مدنية مجتمعها، لكنها تجرعت الحرمان وسوء الخدمات كغيرها بالرغم من أنها بفضل الله تدعم ميزانية الدولة بأكبر نسبة !!! ،،،
فهذه الهبّة الحضرمية لم تأتي من فراغ ، هي نتيجة تراكمات لمعاناة المجتمع الحضرمي ، أفرز ردٌة فعل لحماس رجال لم يقبلوا على أهلهم هذا الضرر الواقع بهم ، وتصدر حلف قبائل حضرموت المشهد على أمل تغيير هذا الواقع البائس ، مغامرة لم يحبذ سلوك خيارها بعض عقلاء المجتمع الحضرمي من النخب السياسية ومثقفي المجتمع ممن يعرفون حقائق الأمور ويدركون عواقبها الكارثية على المجتمع الحضرمي ، عكس بعض رجال القبائل الذين لازالوا يتمنطقون بالحميّة والنعرات القبلية وعوام الناس الذين تقودهم عواطفهم وتخدعهم الشعارات وتدغدغ أحلامهم الأماني ، هؤلاء العقلاء ومع هذا الزخم المؤيد للحلف وقفوا ناصحين لقيادات الحلف والهبّة من سوء العواقب ، لأنهم يرون الأمور ببصيرة ويقيسونها بتجارب مرت عليهم أو على غيرهم ،،،
وحتى بعد أن سارت الهبة وقطعت شوطا وأصبحت تصدّر البيانات وتقرر الخطط لتفرضها على إدارات لها استقلالها هؤلاء العقلاء الآن يؤكدون أن رسالة الحلف والهبّة التي هي رسالة حضرموت وصلت الآن للسلطة المحلية والحكومة والتحالف ، ويجب عليهم أن يقفوا عند هذا الحد وأن تستمع قيادات الهبّة لنصح الناصحين ويتعاونوا معهم لإيجاد خط رجعة آمن يحفظ لهم قدرهم وتضحيتهم ويحافظوا على مكتسبات هذه الهبّة ويجنبهم والمجتمع الحضرمي سوء العواقب لو استمر الحال في هذا المسار التصعيدي المؤدي لنتائج لا تحمد عواقبها !.
يبدو أن زخم التأييد فتح شهية قيادات الحلف لمطامع تتعدى المطالب التي أعلنوها في بداية هبّتهم ، فهل هو أنقلاب على السلطة وطمع في احتلال محلها وإدارة حضرموت ؟!.
إن كان هذا مطمعهم فعليهم قبل الأسترسال في أحلامهم عليهم أن يكونوا صادقين مع أنفسهم :
هل يتحمّل المجتمع الحضرمي المنهك معاناة تضحيات جديدة؟.
وهل يملكون أمكانات شركاءهم دعم من مكونات وفئات المجتمع الحضرمي؟
وهل يرون وحدة صف تكفي للمغامرة بهذا الطموح العالي؟
وهل لديهم القوة العسكرية ليدافعوا عن أنفسهم ومجتمعهم؟
وهل هم أهل لتحمّل مسؤوليات مجتمع مدني له مطالب لا تعد ولا تحصى تعجز عنه حكومات دول مستقرة أمنيا وأقتصاديا .
فضلا عن الأستحقاقات ومطامع لقوى دولية تبحث عن مصالحها بعيدا عن مصالح الشعوب التي تهيمن عليها ، ( رحم الله أمرأ عرف قدر نفسه ) !!!.
مثل الحلف اليوم كمثل المغامر الذي صعد شاهق وعجز عن النزول عنه ، لو حاول بمفرده لسقط ودقت عنقه ، لذلك هو لا يستغني عمن يعينه لينزل سالماً أمنا ، وأصحابنا يبدو أنهم لازالوا مستمتعين بنشوة الهواء العليل في هذا الشاهق ، ولم يدركوا خطورة تجاهل النصح وأنصراف من يريد مساعدتهم عنهم الآن !.
على قيادة الحلف أدراك هذا بوعي ومسؤول وعلى عقلاء حضرموت عونهم كونهم أنطلقوا في مهمة من أجل حضرموت تم أنجازها ، وما بعد الأنجاز خراب له وسقوط للجميع ،،،
حتى اليوم وبحمدالله لم يراق دم حضرمي واحد ، والفضل بعد الله لا يحسب للحلف ومن شايعه الذين حملوا السلاح وغامروا بأمن المجتمع الحضرمي وإنما يحسب للسلطة المحلية التي يديرها رجال حضرموت ، وهذا الموقف كان أختبار حقيقي لأهليتهم بتحمّل مسؤولية أهلهم ومجتمعهم وحرصهم على أمنه وسلامة من استرعوا أمانته، فتعاملوا بالحلم وتحلّوا بالصبر على نزوات أخوانهم الذين يدكون أن ما أحوجهم لركوب هذه المخاطرة إلا اليأس وقلة الخبرة ووعدم أدراك الواقع المفروض على العباد والبلاد !!!.
لكن حتى هذه السلطة المحلية الحضرمية لا تستطيع الوقوف في وجه تلك القوى الدولية المهيمنة والتي تُهدد مصالحها بهذه المغامرة ، لذلك كما يقال( ما كل مرة تسلم الجرة ) ،،،
رسالة حضرموت وصلت والمرحلة القادمة ستكون أصعب وبدون تعاون كل المكونات الحضرمية وتكاملها وخدمتهم لأستراتيجية موحدة ستخسر حضرموت كل شيء ، وستُقطر كتابعة للمنتصر كما كانت منذ عام 67م عام نكبتها ،،،
ولا أمل للحضارم اليوم بتوفيق الله إلا في مجلس حضرموت الوطني الذي ستكون هذه الهبّة إذا توقف أصحابها عند هذا الحد الذي فيه مكسب لقضية حضرموت دافع يفيد المجلس الوطني الحضرمي ويمهد عليه أنطلاقة مهيبة كممثل لحضرموت الأبية لأنتزاع حقوقها ،،،
( سالم باوزير )