حراك اقليمي ودولي أين موقع حضرموت منه ؟!
لاشك أن ما يحدث في اليمن من تطورات متسارعة سياسية وعسكرية وأقتصادية ما هو إلا أنعكاس لتوجه دولي وأقليمي لرغبة جديدة وجادة لترتيب واقع البلاد وفق مصالح تلك القوى المهيمنة .
هناك واقع جديد يجري رسمه لفرضه على مجتمعات البلاد ، لكن ما يهمنا هو موقع حضرموت من هذا المخطط ، هل ستحصل على حقوقها ولو بالحد الأدنى أو ستُقطر لمراكز القوى الجديدة القديمة التي يجري تنشيطها هذه الأيام ؟! ،،،
معادلة الواقع الحضرمي الحالية لا تبشر بخير ، وبالرغم من هذه التطورات التي قادها حلف قبائل حضرموت وأشرك فيها الجامع ، وبالرغم من ارتفاع المطالب لتصل لمطالبة الحضارم بالأدارة المحلية لحضرموت ؟!!!.
نعم بهذا الحراك الذي قاده الحلف وأستأثر فيه بالقرار بعيدا عن كيانات ورموز فاعلة من المجتمع الحضرمي على أمل فرض حقوق حضرموت لن تكون نتائجها كما تطمح اليه تلك القيادات ، لأن الجهة المُطالبَة بتلك الحقوق لم ولن تتعامل معها كما لو كان من يقود ذلك الحراك يمثل كل المجتمع الحضرمي موحداً بكياناته وبرموزه القبلية والمدنية المؤثرة ، لذلك نلاحظ تأثيره السلبي على المجتمع كلما استمر ، وكل تصعيد يتخذه الحلف في واقعه هروب إلى الأمام !!!.
لازالت قيادات الحلف لم تدرك أن أصرارهم على التفرد بالقرار في أدنى أضراره وحتى لو تحققت لهم بعض النتائج التي يأملون بها يؤخر حضرموت عن ركب المسار الدولي الأهم ويُفقدها تبوء المكانة اللائقة بها في الخارطة الجديدة التي ستُفرض على البلاد ، أضافة لأهتزاز أستقرار السلم المجتمعي لحضرموت وأبتعادها عن مدنية مجتمعها التي تميزت بها بين جوارها من مجتمعات البلاد !.
الجانب الأيجابي الذي بحسب للحلف على المستوى المحلي هو في عودة الحضارم لتذكر قضيتهم والأعتزاز بهويتهم والمطالبة بحقوقهم ، لكن ذلك لايكفي لفرض قناعتهم على قوى دولية لا تهمها إلا مصالحها وبهذا الأسلوب الذي يفتقر لوحدة الصف وأمتلاك القوة الرادعة وتقدير حجم المسؤلية التي عليهم تحملها لو تحقق لهم ما ارادوا !!!.
لا شك أن أمتلاك الحضارم لقرارهم وأدارتهم لجغرافية مجتمعهم وأقليمهم حتى لو بقوا ضمن اتحاد يمني سيقطع الطريق على المتنفذين الذين هم وراء هذا الفساد الذي يعاني منه الناس ، لكن هذه الغاية العظيمة تحتاج لرجال فكر وعلم وسياسة وتخطيط وبأستراتيجية يتم اعتمادها وعمل يشارك في تنفيذها كل المجتمع المدني والقبلي وبتوزيع ادوار متناسبة !.
حضرموت بحاجة لرجالها من أمثال المقدم عمرو وصحبه الذين يحملون هم قضيتها ولا يرضون عليها بالدونية وتحمل مزيد من الظلم والجور والحرمان من الحقوق ، لكن أمثال هؤلاء بما تميزوا به وأستعدادهم للتضحية بشجاعة وحماس ليسوا مؤهلين وحدهم لينتزعوا حقوق حضرموت ويحددوا مصير الأمة الحضرمية في عصر السياسة والعلم والتقنية وبين قوى دولية واقليمية مهيمنة تقاطعت مصالحها في حضرموت ، تلك القوى لا يهمها لا حقوق ولا بعد أنساني أو عاطفة على الحضارم ، كل ما يهما مصالحها الخاصة ، ولايمكن ترويضها وأتقاء شرها إلا بأسلوب التوازنات في تبادل المصالح ، تلك العلاقة التي تضمن للشعوب الضعيفة بعض حقوقها ، فأين قيادات الحلف من هذا الواقع وهي تتصرف بأسلوب قبولة قد تجاوزها الزمان وفي حضرموت رجال علم وسياسة وولاء لهويتهم وقضيتهم يشهد لهم تاريخهم ويؤهلهم لهذا الدور ؟!!!.
البلاد مقبلة على أستحقاقات مهمة يجري رسمها الآن ، وحضرموت يجب أن تكون موحدة وحاضرة في المشهد لتأخذ دورها المناسب ، وما الدعوة الجديدة التي أنطلقت بأشهار ( التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية ) إلا مسار جديد يجري رسمه لتوازنات القوى في البلاد ، وعلى الحضارم واجب التنسيق بينهم والأشتراك الفاعل ولو بأكثر من مكون بشرط التوافق على التكامل وتوزيع للأدوار بينهم ،،،
هذا التكتل الجديد سيكون نواة لدولة المؤسسات حسب الرؤيةالتي قررتها تلك القوى المتحكمة في ملف البلاد ، والكيانات المشاركة سيكون لها أهمية كبرى في تقرير نوع العلاقة بين أقاليم البلاد وحتى في صياغة دستورها الجديد ، ومن تردد من الأحزاب والكيانات في المشاركة أما أنه يأمل في تحقيق مستحيل لن يتحقق أو أن قياداته لاتملك الرؤية السياسية التي تؤهلها لقيادة ذلك الكيان وتضمن مصالحه ، وفي كل الأحوال هي التي حكمت على نفسها بالتهميش وتجاوز الآخرين لها ولحقوق أتباعها !!!.
يحضرني مثال من تاريخ العراق الحديث يخدم المعنى المقصود ، عند أجراء أول أنتخابات بعد طيّ صفحة صدام حسين في العراق ، جرى أستفزاز أهل السنة ليأخذوا موقف عدم المشاركة في الأنتخابات ، وهذا الموقف مكّن الشيعة من حكم العراق وتحمّل المواطنون من أهل السنة تبعاته لسنوات طويلة !!!.
كذلك تلك الوفود الممثلة للمبعوث الدولي وغيرها من أتصالات وزيارات سفراء القوى الدولية للكيانات الحضرمية ليس من أهدافها توحيد الجبهة الحضرمية لتكون متحدة ، بل هي للأيحاء لكل كيان منها بأنه رقم مستقل في المعادلة الجديدة حتى يبقى كلا منها بعيدا عن الآخر ، لتحييد فاعليتها الجماعية ولمعرفة توجه كل كيان وقناعة قياداته حتى يسهل التعامل معها وتحييد دورها في المستقبل لو أقتضى الأمر ذلك .
اليوم يتحمّل الحلف مسؤولية مستقبل حضرموت ، وعلى قيادات الحلف السعي بجد للتواصل مع باقي الكيانات الحضرمية الأخرى والتشاور لرأب الصدع الذي هم من أحدثه وتقديم التنازلات لمصلحة حضرموت ، فحضرموت في مفترق طرق ويجب توجيهها للجهة الصحيحة بعيدا عن المصالح الشخصية الضيقة والعنتريات الفارغة ،،،
نظن برجال الحلف خيرا ونأمل أن يدركوا الواقع ويسيروا لخدمة مصلحة أهلهم وقضية حضرموت إن شاء الله ،،،
(سالم باوزير )