رداً على الوزير أ. د عبدالناصر الوالي: “حضرموت هي حضرموت، والجنوب ليس الانتقالي”
بداية، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، واسمح لي أن أعقب على مقالك لتفهم حقيقة حضرموت المختلفة عما تتصوره أو يصوره لك بعض بني جلدتنا من أتباعكم، وهم بالفعل أتباع لأنهم ليس لهم من الأمر شيء. أبسط معايير الشراكة مفقودة حتى داخل مكونكم الانتقالي، فأنتم في المركز تختارون من تريدون، ثم تديرونه بالاتجاه الذي يحقق خططكم بأن تكونوا الوريث لمنظومة 7/7، التي ظلمت حضرموت أضعافًا مضاعفة مما حل بكم، وأول من انتفض ضدهم الحضارم. كما أن أول شهيدين سقطا في حضرموت كانا بداية لتبلور الرفض الشعبي لسياسة نظام صالح في حضرموت.
ثانيًا، من المؤسف أن تبدأ بمحاولة طمس الهوية الحضرمية وتقول إن “حضرموت هي الجنوب”، فهذه جريمة مكتملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد بحق حضرموت، وهي أكبر من محاولتكم أن تكونوا الوريث لنظام عفاش في السرقة والنهب ومصادرة ثروة الحضارم وقرارهم. ولكن هذا لن يكون، ودليل ذلك هو أن تتفحص من تبعكم من الحضارم ومن هم ضدكم، لتعرف أن هذه الغطرسة والكبرياء لا يقبلها حضرمي حر وشريف. وقد أكدت الزيارة الثانية للزبيدي إلى المكلا أنه يحاول الاستعراض بمدرعات وقوات وأعداد هائلة في بلد آمن ومستقر. فقد زار المكلا قبل أسبوعين وفد من سفراء الاتحاد الأوروبي يرافقهم طقمان فقط، أحدهما قبل الوفد وآخر بعده، مع أن هؤلاء السفراء لم يدّعوا يومًا أن الشعب فوضهم أو أنه يحبهم.
والسؤال: ممَّن يخاف الزبيدي حتى يصطحب معه هذه القوات؟ لماذا لا يكون رجل دولة ويحترم المؤسسة الأمنية والعسكرية في حضرموت بدلًا من اصطحاب هذه القوات المهولة؟ وأنت تعلم يا معالي الوزير الوالي أن الزبيدي لا يستطيع توفير محروقات هذه الآليات والمدرعات، وأن الممول هو صاحب الرسالة، وما عيدروس إلا ممثل قد أجاد الدور والتمثيل.
قلت يا بروفيسور إن حضرموت ستقول كلمتها وإن لها رأيًا واضحًا ومحددًا، والسؤال: لماذا في كل مناسبة تحاولون خداع العالم بأن الحضارم مع مشروعكم المناطقي والعنصري؟ وإذا كان الرأي واضحًا ومحددًا، فلماذا التكرار؟
ثم إن إرادة الشعوب تُقاس في الصندوق، وليس في الشارع أو في باصات الحشد الممول (أبو خمسة آلاف ريال يمني). معقول أنك بهذه الدرجة العلمية ولا تعرف كيف تُقاس إرادة الشعوب؟ ثق يا معالي الوزير أن لحضرموت رأيًا محددًا، نعم، لكن الحضارم لن يقولوه في الشوارع، بل في صندوق الاستفتاء، إذا ما قرر العالم وضع حد لمعاناة الشعب الحضرمي، الذي نكلت به الدولة اليمنية (جنوبية وشمالية)، فكلهم يمارسون سياسة إضعاف الحضارم وتمزيقهم ونهب ثروتهم، وأنتم تفوقتم على عفاش في ذلك. وإذا لم تصدق كلامي، ألقِ نظرة على نسبة توزيع المنح العسكرية في “جنوبكم” وتحت سلطتكم، لتجد أنكم ظلمتم المحافظات الشرقية كلها، وليس حضرموت فقط، وأن مديرية ردفان وحدها تفوق ما لدى الحضارم والمهرة والسقطريين وعدن. ومن اخترتموهم من هذه المحافظات عبر أدواتكم ليتم تأهيلهم كأتباع مستقبليين، مما يؤكد رفضكم للشراكة الحقيقية أو أنكم ترون أن منطقة أفضل من أخرى.
حتى مخرجات “جامع حضرموت”، فقط في الإعلام تباركونها، لكن في الواقع تخالفون معاييرها. لا أدري كيف تربط حضرموت المدنية والحضارة والسلام بالجنوب، الذي هو بعيد كل البعد عن هذه القيم، ليس اليوم فقط، بل بالأمس، وسيبقى كذلك في الغد، طالما بقيت العقلية نفسها.
أخي الدكتور الوالي، لا يمكن الرد على كل ما قلت، فقد اختصرت لك بأن الأساس الذي تنطلق منه باطل، وما بني على باطل فهو باطل. أما الثناء الذي تكيله للحضارم، فنشكرك عليه، وإن كان علينا أن نذكرك بأن المحافظ هلال كان أكثر ثناءً منك، وأحب الحضارم كما أحبوه. هل تعلم لماذا؟
لأن الحب ليس كلامًا، بل فعل وسلوك وواقع. فانظر إلى حالك وإلى مجلسك، ماذا قدمتم لحضرموت؟ وماذا قدم هلال، الذي لم تخلُ قرية من زياراته، حيث بنى لهم مدارس، وأوصل الماء، وشق الطرق، وبنى “الخور”. أما أنتم، فماذا فعلتم؟ اخترتم منا أسوأ من عندنا ليمثلونا، وفي هذا أعذرك، فلن يأتي معكم منا إلا من هو من نفس النوعية التي معكم.
وحتى تتضح لك الصورة أكثر، أسألك: من من التيار الإسلامي (صوفي، سلفي، وغيره) معكم؟ ومن من رموز حضرموت القبلية معكم؟ ومن من الشخصيات ذات الوزن الكبير معكم؟ يا رجل، حتى منظر الحراك وأيقونة النضال عبد المجيد وحدين لم تقبلوه، فكيف تقبلون غيره؟
لهذا، إذا أردتم الحضارم، غيّروا عقليتكم، قدموا نموذجًا مغريًا فيما تحت أيديكم، أوقفوا حالة النهب للمال العام في عدن، أعيدوا المختطفين، ابنوا مؤسسات وطنية، وليس مناطقية. بعدها، قد يتفق الحضارم معكم على مشروع أساسه الشراكة والعدالة والمساواة… إلخ.
أما وأنتم عاجزون عن تسليم مختطفي “عشّال”، وإعادة حوش “مؤسسة النقل”، ومن هو جانٍ ينطوي تحت قيادتكم، فمن باب أولى أن تُنكّلوا بالحضارم إذا تمكنتم منهم. ولكن هذا لن يكون، فقد استفدنا من درس “البيض” وكيف حشرتموه حتى فر منكم إلى الوحدة الاندماجية، وبالتالي، فأنتم السبب في دخولنا الوحدة.
لا شيء أسوأ من هذه الشرعية وهذه الدولة سوى الميليشيا، وأنتم مصرّون على أن تبقوا ميليشيا، وترفضون القيام بواجبات الدولة حتى وأنتم على هرم قيادتها! أي قوم أنتم؟
ماجد بن طالب الكثيري