الخميس , أبريل 3 2025

كفى عبثا بحضرموت …

كفى عبثا بحضرموت …

حين ترى الذئاب تتصافح، فابحث عن الفريسة… هذا المثل ينطبق تماما على المشهد اليمني كلما ذُكرت حضرموت. فما أن يعلو صوت الحضارم بمطلب تقرير المصير، حتى يتسابق خصوم الأمس على رفع راية “الوحدة” الكاذبة، ويتحوّل أعداء بعضهم إلى حلفاء فجائيين، لا لشيء سوى الخوف من أن يفلت الجنوب الشرقي من بين أنيابهم.

لم تكن تجربة حضرموت مع ما سُمّي شراكة إلا برهانًا مكررًا على قانون جائر: أن القوي لا يرضى شريكا، بل تابعا، وأن الضعيف، إن سكت كُتب عليه أن يُنسى. جُرّبت الوحدة، فكانت تقاسما في الشعارات، لا في السلطة؛ وجُرّبت الشراكة، فكانت تهميشا مموها بخطاب «الهوية الجامعة» التي لا تظهر إلا في المناسبات وتختفي عند الحقوق. إن السؤال ليس: لماذا يطالب الحضرمي بحقه اليوم؟ بل: لماذا صبر كل هذا الوقت؟ ولو كان في «المصلحة الكبرى» ما يُقنع العقل، لما احتاجت إلى التهويل والتخويف. ولكنها، كما تُطرح، ليست مصلحة إلا في نظر من اعتاد أن يربح وحده.

ما أغرب هذا التواطؤ المكشوف! شمالي وجنوبي، كانا بالأمس يتبادلان القذائف والتخوين، واليوم يتعانقان على بوابة حضرموت، لا حبا فيها بل خوفا من فقدانها. لم يسأل أحدهم: ما الذي يدفع الحضرمي للانفصال؟ بل سألوا: كيف نُفشل هذا الصوت؟ وكأن حضرموت مزرعة آلت إليهم بالإرث، أو غنيمة حرب يختلفون على اقتسامها.

هنا نقولها بلا مواربة: حضرموت ليست ملحقة بأحد، وليست تابعة في خرائط الطموح اليمني المتنازع. من أرادها شريكًا فليعاملها بنديّة، وإلا فليكفّ يده ولسانه. أما أولئك الذين يظنون أن صمت الحضرمي ضعف، فقد آن لهم أن يعرفوا ماذا يعني أن تغضب حضرموت.

وللأحرار من أبناء هذه الأرض، لا يخدعنّكم صوت “الإخوة” حين تتوحد شهيتهم. فالصراع الطويل بينهم لم يُجمعهم إلا حين اجتمع الطمع فيكم. فإن لم تتوحدوا على مشروعكم، فاستعدوا للتلاشي في مشاريعهم.

حضرموت، لمن يفقه التاريخ، لا تؤكل نيئة ولا تُهضم بسهولة.

فيصل الكثيري

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

رداً على الوزير أ. د عبدالناصر الوالي: “حضرموت هي حضرموت، والجنوب ليس الانتقالي”

 رداً على الوزير أ. د عبدالناصر الوالي: “حضرموت هي حضرموت، والجنوب ليس الانتقالي” بداية، وعليك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *