الشهيد بإذن الله الجابري وشيخ القبيلة الذي قال : ما باتجي حكومة تشل تمري!
كانت للأحداث الفكرية السياسية والعالمية تأثير كبير في حضرموت وبسببها تمدد فكر شعبوي في حضرموت بين طلاب المدارس وشباب المدن في حضرموت وباقي محافظات سلطنات الجنوب وهناك تأثر كبير بالشعارات القومية والشيوعية التي بدأت تتزايد بشكل مهول وقام بتغذيتها الإعلام، وهنا وجد المناضل الفقيد الشهيد بإذن الله عبدالله الجابري أن هؤلاء الصغار عمرا ووعيا المرددين للشعارات الخيالية هم الأكثر فعالية طموحا مع قلة فهمهم وإدراكهم فإنهم إن حكموا فسيكون هناك نظام إجرامي قمعي رعاعي ولذلك قام بمبادرة للتوجه إلى قوة المجتمع الحضرمي وهي القبائل لتتخذ موقف سياسي ضد فكر الأطفال القادمة، وندع الفقيد يتحدث عن تجربته وردة فعلهم! :
يقول الشهيد بإذن الله (رحمه الله) : وزعت ذات مرة منشوراً في حضرموت الداخل وأعلنت فيه أن دول للسقل والسفل ستقام، وأن فتنة ستعم حضرموت من أقصاها إلى أقصاها وأن نصيب القاعد في هذه الفتنة سيكون أوفي من نصيب القائم فيها
بعد توزيع هذا المنشور ، اجتمعت بواحد من مشايخ القبائل، ودار بحث طويل حول مخاوفي من المستقبل ، التي كان يظن الشيخ أنه ليس لها ما يبررها وأن قبائل حضرموت ستظل قوية كما كانت لأنها حسب تعبيره ( العملة الصعبة التي تحتاج إليها الدول في السلم والحرب على السواء !!)
لا أدري هل أحيط هذا الشيخ علما
بأزمة الدولار – قطب العملة الصعبة في العالم – أم لا ؟!
ولكني قلت له وقتذاك أن هذا التبجح الطويل العريض سيتلاشی کسحابة صيف
استطاعت قوة منظمة من عمال ( سان بطرسبرج ) عام ۱۹۱۷م أن تلحق الهزيمة
بثلاثة ملايين جندي قيصري تحت السلاح بينهم مئات الجنرالات الذين تلقوا تربية اسبارطية عالية ، وقاوموا غليوم 4 سنوات في ( غاليسيا )۰۰ ولكنهم لم يكونوا يملكون إلا القليل من الخبرة في مواجهة حرب التثبيط والتوهین ومقاومة الشائعات التي صيغت بإتقان لفل روح المقاومة في شعب يتلقى أحكامه على أخطر قضاياه المصيرية من مصادر الدعاية التابعة للتنظيمات الهدامة التي يصوغها طلبة المدارس الصغار عقولاً، وطموحاً ، ووعيا بحقيقة ما يصنعون
أما ردة فعل الشيخ الشجاع فكانت لوحدها أعجوبة تتكرر في كل زمان فيكمل الجابري رحمه الله ويقول
وكي يختصر الشيخ هذا الطراز الممل من النقاش مع مثلي .. قال بحزم :
« شف يا ولدي عندي هنا في الغيلة ( الغيلة : غرفة صغيرة في المنزل ) ثلاثة بلاجيك ( يقصد ثلاثة بنادق صنع بلجيكي) إن سارت الأمور سواء في حضرموت ،محل وزين
وإن تعوجت بندقي ما يخطي حدود نخلي وذَبري ( الذَبر : الأرض الزراعية ) وقد سكن أهلي حضرموت قبل ما يسكن هارون الرشید بغداد ، وزال الرشید وما زلنا .. ولا بنا هزة من قحطان ، ولا من غيره
إن معه خیر نبا قسمنا فيه، وإن معه شر بايقع في كوره ( رأسه) ولا تفزعنا بالروس ولابالشينة ( الصين )
لقد كان الشيخ يشكك بتأثير الشيوعية على بلده وكانت نظرة الشيخ لا تتجاوز شيخ القبيلة المجاورة لذلك إذا بتنفع هات صلح معه فننقل ما قاله الجابري
ذولا بن سعود منّي ونجد وعبد الناصر مني وِقبلة بایکالفونهم شف فزعي كله من أهل الدار ذيك ( أشار إلى قرية قريبة ) باتجيب لي صلح المدة خمس سنين من فلان( شيخ القبيلة المجاورة ) .. وكلامك هذا كله مالي صالح فيه (ما باتجي حكومة باتشل تمري من زيري أو طعامي من وَصَري) أو مالي من تحت داري ۰۰ وإن خليتها تشله أنا حمار أنهق !! »
يكمل الجابري النهاية لهذا الشيخ :
٦٥ _٦٦_٦٧_٦٨ بعد أربع سنوات من هذا الحوار كانت الجبهة القومية قد استولت
على حضرموت تماما
وكان واحد من ( البلاجيك الثلاثة ) التي كانت في غيلة شيخ القبيلة الحضرمية التي سكنت حضرموت قبل أن يسكن هارون الرشید بغداد على كتف فيصل النعيري وآخر على كتف سالم توما ابن ( طباخ الكاف )والثالث لا أدري من تسلبه من أفراد العصابة ۰۰ ولكن ” الغيلة المنيعة ” أضحت مأوی عظيمة للجرذان
وقبل ثلاثة أشهر سمعت أن السلطات الشيوعية صادرت أراضي هذا الشيخ وحددت اقامته وقد ذاق قبل ذلك ألوان من الذل على أيدي الشيوعيين يعتبر ( الموت الأحمر ) أحفظها للكرامة .. وأحب منها إلى النفس !!
هذا الشيخ ، والعشرات ۰۰ والمئات من
أمثاله ، لا يفتقرون إلى الشجاعة ..
ولكنهم “لم يتخذوا للفسل أهبة جيدة ” حسب نصيحة أجدادهم ۰۰ ولو فعلوا لما سقطت حضرموت ضحية ( للحكم الأحمر) .. وقد كانت قبائلها تفاخر باختراعها للموت الأحمر!!
السؤال الذي يطرح نفسه هل شيوخ القبائل ورجال المجتمع استوعبوا الدرس جيدا أم لا زالوا يمسكوا العصا من المنتصف مثل هذا الشيخ الذي كان ينتظر من قحطان الشعبي إنْ معه خير يبغى قسمه فيه وإنْ معه شر بيكسر كوره؟
أم إنّ حضرموت ستعاني بسبب إنّ الفكر الشعبوي القمعي لن يجد مجتمع يناهضه لأن كل واحد منهم لا يرى إلا أن الشيخ المجاور يشكل خطر عليه والمطلوب منك أن تبحث عن صلح بينهما!