المياه في حضرموت…. الثروة التي تهدر عبثاً
▪️مقال للأستاذ/عمر محمد زين بن شهاب
المتخصص بالإدارة المتكاملة للموارد المائية
رئيس لجنة البيئة بمكتب مؤتمر حضرموت الجامع بالوادي والصحراء
أي ثروة طبيعية في هذا العالم لها قيمة بذاتها قد تصل قيمة أنواع من المواد الإستخراجية إلى مئات الملايين وهي تعتمد على أساس الندرة والقيمة والعرض والطلب والاستدامة…. الخ
فعندما نتابع موضوع المياه في حضرموت الذي يعتبر أحد أكبر المخزونات المائية في شبه الجزيرة العربية ، لكن للأسف لا نجده ضمن استراتيجية متكاملة وحماية وقيمة إقتصادية قوية يتم الإعتماد عليها لمستقبل أطول وذلك للأسباب التالية: –
1-مسألة الإستنزاف في حضرموت في تفاقم مستمر حيث وصلت تقريبا في عام 2010م إلى سبعة أضعاف التغذية قبل التوسع في استخدام الطاقة الشمسية والتيار الكهربائي لإنتاج المياه فكم سيقدر هذا الإستنزاف في وقتنا الحالي؟؟!!!
2-عندما تصل كمية المياه المصاحبة للنفط من (CPF) لأحدى الشركات النفطية في مارس عام 1994م الى 400,000برميل يوميا تقريبا لدراسة أكدت أن 75% من هذه المياه تحقن.. إلى أين؟؟!! وعند زيادة الإنتاج النفطي كم ستزيد كمية المياه المصاحبة للنفط المحقنة؟!!
المياه المصاحبة للنفط هي عبء يتم التخلص منه في تكوين الحرشيات الذي هو في الأساس حامل لمياه عذبة … الإشكالية الكبيرة أنه الآن يتم استنزاف المياه من التكوين الرئيسي لحضرموت ((المكلا ساندستون)) وإضعاف جودتها بعدة طرق، الخوف أن يتم الحفر بأعماق أكبر والانتقال لتكوين الحرشيات الذي يعتبر وضعه سيء بسبب حقن المياه المصاحبة للنفط فيه.
3-عندما يتم التخلص غير الآمن للمخلفات السائلة والصلبة والنفايات النفطية في باطن الأرض بحضرموت أو في البيئة العامة فمع النفاذية العالية هل ستكون جودة المياه نفسها قبل 30عام؟؟؟!!!
4-ضعف دور السلطات المركزية والمحلية والجهات المعنية الأخرى في إدارة الشأن المائي بحضرموت والتحكم فيه خاصة في القطاعات التي تستهلك كميات مياه كبيرة كالزراعة والاستثمار أدى إلى وجود عمل عشوائي يتم من خلاله العبث بشكل يهدد مصادر المياه حاليا ومستقبلا.
فمن خلال ما تم طرحه هل القيمة الاقتصادية للمياه منطقية؟؟؟ وهل المياه ضمن استراتيجية متكاملة وحماية قوية في حضرموت؟؟؟!!
نستنتج بعض الأمور منها: –
1-بحكم وفرة المياه بشكل كبير وبأسعار زهيدة ودون أي انقطاع سوى في القطاع الزراعي أو المنزلي أو الإستثماري هذا مما جعل أصحاب القرار والمواطن العادي لا تكون إدارة المياه ضمن أولوياته رغم مخاطر ومحاذير تهدد نوعيته وكميته.
2-طبيعة المجتمع الحضرمي هو مجتمع لديه ثقافة بيئية و مائية وكانت لديه القدرة والإدارة الكفؤة لإدارة بيئته ومياهه وأكبر دليل المنشآت التقليدية في الري السيلي وإدارة المياه الجوفية بكفاءة عالية جدا إلا إن هذه الثقافة أصبحت تتلاشى تدريجا منذ فترة زمنية.
3-تعتبر المياه من الموارد الطبيعية المتجددة لكن مع تدهور المنشآت التقليدية وعدم صيانتها هذا مما جعل التغذية لها أصبحت ضعيفة جدا.
4-ثقافة الأمن المائي في الوقت الحالي في حضرموت أصبحت من الماضي.
5-لو قدّر الله حصلت أي مشكلة مائية في باطن الأرض سيصعب معالجتها لأنه من الصعب احتوائها لكن الآن بالإمكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
من المعالجات على الجانب الحكومي:
1-ضرورة أن تكون مشاريع المياه والصرف الصحي إستراتيجية ونوعية ومستدامة.
2-إعادة مراجعة للقوانين والقرارات الصادرة المتعلقة بالمياه بما يتناسب لوضعية كل حوض مائي.
3-ضرورة تشكيل لجنة حوض حضرموت مثل بقية الأحواض في الجمهورية.
4-على الجهات المسؤولة على المياه المصاحبة للنفط تحمل مسؤولياتها في إيجاد حلول لها لكيلا تضر البيئة العامة والمياه الجوفية وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية والمجتمعات المحلية.
5-ضرورة وضع خطة استراتيجية عامة ومتكاملة لإستخدامات المياه وفق الزيادة في معدلات الإستهلاك لجميع القطاعات وتناميها.
6-على السلطات المركزية والمحلية والجهات المعنية أن تعمل وفق خطة استراتيجية تكاملية لمنع الحفر العشوائي للآبار سوى لجهات حكومية أو خاصة.
7-ضرورة التحكم بوضع الحفّارات في حضرموت بما يتناسب ووفقا للقوانين النافذة.
8-الاستخدام الأمثل للطاقة الشمسية والطاقة الأقل كلفة لإنتاج المياه وفقا لضوابط تحد من استنزافها وتساعد على رفع القيمة الإقتصادية لها.
9-إذا لم تساعد مياه الصرف الصحي من تقليل الضغط على المياه الجوفية وتكون لها قيمة اقتصادية والا ستتفاقم المشكلة بشكل أكبر.
من المعالجات على الجانب المجتمعي:
1-على جميع المكونات المجتمعية والسياسية والشبابية التي تحمل همّ حضرموت ان تعي مخاطر ومهددات الثروة المائية و أن تكون ضمن أولوياتها.
2-على المجتمع المحلي أن يعي ما يدور حوله من مخاطر ومهددات لثروته المائية في جميع القطاعات لأنه هو من سيدفع الثمن الغالي.
3-على منظمات المجتمع المدني تكثيف جهود التوعوية في جوانب المياه والبيئة.
من المعالجات المشتركة:
1- حماية حقول مياه الشرب التي أصبحت على المحك فلابد حمايتها من التلوث والبناء بداخلها.
2- تشجيع المجتمع على الثقافة المائية القديمة التي كانت لها دور بارز في الحفاظ على المياه وإدارته بإدارة مستدامة مع ادخال التقنيات الحديثة.
3- يجب أن يكون للمياه قيمة اقتصادية في جميع القطاعات بفرض القانون والعقوبات والغرامات لأي متلاعب لهذه النعمة وإلا سيتضاعف كمية الاستنزاف بشكل كبير جدا وسيضعف جودتها.
4- على السلطات المحلية بالمديريات وعقال الحارات والمواطنين منع أي شخص يقوم بحفر أي بئر إلا بترخيص من الجهة المعنية.
5-الإدارة المائية هي تشاركية بامتياز فالكل مسؤول ويجب أن يشارك.