الجمعة , يناير 31 2025

قد لا يكون الإرهاب تنظیم

 

قد لا يكون الإرهاب تنظیم

 

▪️بقلم الأستاذ / عبدالعزيز بن مرضاح

ما حصل في مطار عدن لا يعد إرهاباً تنظیما ، إنما يعد إرهابا سياسيا من قبل أطراف سياسية ترغب في تقويض العملية السياسية في اليمن وخلط الأوراق ، ولا
تريد عودة الحكومة للمناطق المحررة ، لکی تقوم هي بدور الحكومة الشرعية في اليمن..

وبالتالي فإن المؤشرات لما حصل في مطار عدن من استهداف للحكومة الجديدة يشير إلى أن هناك أطراف في التحالف أو ربما خارجه تسعى لاستمرار الحرب والسيطرة على العاصمة عدن من أجل مصالح مشتركة بين تلك الأطراف لما تمثله العاصمة عدن من موقع استراتيجي مهم في المنطقة والإقليم..

ما حصل في العاصمة المؤقتة عدن كارثة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمات والتي راح ضحيتها أكثر من شهيد وأكثر من جريح بالعملية الجبانة التي استنكرتها كل
الدول والمنظمات الإنسانية في العالم..

سأتحدث..! عن مفهوم الإرهاب السياسي وما يحصل في المنطقة..
إن الإرهاب السياسي يتعامل ويتابع وسائل الإعلام لعملياتهم الإرهابية والسياسية، وأن التغطية الإعلامية لتلك “العمليات” يعني أنهم كسبو نصف المعركة في تظليل الرأي العام وإشارة إلى أنها تمثل لهم نجاحا في الوصول إلى المجتمع البسيط..

إن فهم ظاهرة الإرهاب السياسي ورد الفعل الحكومي تجاهه، فإن مناقشات النخبة وأهل السياسة وتنظيراتهم غالبا ما تهمل استكشاف كيفية فهم المواطنين العاديين للإرهاب السياسي مكتفين بطرح مجموعات متنوعة من الأطر والمفاهيم، وهي الأطر التي تقوم على بناء هيكلي
للتسويغ وليس للتفسير..

دراسة حديثة حاولت الإجابة عن أسئلة كثر مثل:
كيف ومتى يصنف المجتمع البسيط حادثة ما على أنها “حادثة إرهابية أو سیاسية وما العوامل التي تسهم في
هذا التصنيف؟ وكيف أن تشكل وسائل الإعلام وعيه، بحيث يكون قابلا للتعامل مع كل الحدث على أنه حادثة إرهابية أو سياسية..

وتشير الدراسة أن السياسيين يستطيعون التلاعب في رسم تصورات المجتمعات البسيطة عن الإرهاب السياسي من خلال تأطير حوادث العنف بطرق معينة لتحقيق أهداف معينة؛ إذن يتأثر الجمهور بما هو موضوعي، مثل درجة العنف وشدته كما يتأثر في الوقت ذاته بالتفاصيل التي يعرضها منفذو الحادثة ووسائل الإعلام..

فمن المرجح مثلا، أن يصنف الشخص العادي أي حادثة عنيفة على أنها إرهابية، إذا تبنتها منظمات معينة، والاستعانة بأشخاص لإنجاز مهمات بسيطة تتطلب
أداء بشريا مقابل مبلغ من المال..
في حين يقل احتمال تصنيفه للحدث على أنه إرهابي إذا نفذه أفراد لديهم تاريخ إصابة بأمراض عقلية ونفسية”..

نكتشف أن وسائل الإعلام تتمتع بقدرة كبيرة على تشكيل تصنيف المجتمع للأحداث العنيفة على أنها إرهاب ، من عدمه وتؤدي دورا محوري بالنسبة لكل
الأطراف المعنية بالأحداث” الإرهابية بداية من الإرهابيين أنفسهم، مرورا بكل من صانعي السياسات وانتهاء بالمجتمع المتلقي، لكل الرسائل الإعلامية الصادرة عن جميع الأطراف..

ويؤكد الباحثون في مجال الإرهاب والعنف السياسي أصبحوا مفتونین بهذه الخلافات ما دفعهم لمحاولة فهم الظاهرة بشكل أفضل والتركز مباشرة على الجمهور وليس المنظمات الإرهابية أو الحكومات، معتبرا أن المجتمع هو من يتحمل العبء الأكبر من تداعيات العمليات الإرهابية السياسية..

وتشير نتائج الدراسة إلى أن وسائل الإعلام لها دور كبير في تشكيل ميل المجتمع لتصنيف الأحداث العنيفة، وأنه
بالرغم من أن المجتمع، يصنف الأحداث على نحو مماثل لمخططات التصنيف الرسمية التي تستخدمها الحكومات
المختلفة، فإنه ينحرف أيضا في بعض النواحي..

فعلى سبيل المثال، يعتقد المجتمع أن الحوادث التي تحركها الكراهية من المحتمل أن تكون إرهابا كتلك التي تحركها أيضا أهداف سياسية وبهذا المعنى، يبدو أن هناك انفصالا بين كلا التعريفات القانونية الرسمية والحدس الشعبي، لذا فإن الكثير من التحليلات التي ستضيفها التغطية الإعلامية ستزيد من فهمنا لكيفية
تصنيف الناس للحوادث على أنها إرهابية أو سياسية..

المجتمع يعتمد على وسائل الإعلام باعتبارها أحد أهم مصادر الحصول على المعلومات ويعدها أداة لفهم المتغيرات الخاصة بزمان ومکان وتأثير المضامين
المقدمة له لسلوكيات المجتمع ومعتقداتهم ومشاعرهم..

إن المجتمع يسعى لإقامة علاقة تبادلية بينه وبين المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام له لفهم البيئة المحيطة بالأحداث ومراقبتها، والحصول على دلالات عن
كيفية التعامل مع كل المواقف والأحداث المختلفة، وهو ما يترتب عليه تكوين الاتجاهات نحو القضايا الساخنة..

تبين الدراسة أن هناك طرق يمكن بها بناء مفهوم الإرهاب اجتماعيا من خلال وسائل الإعلام وتأطير النخبة كما تتصدى لإحدى المعضلات الأساسية وهي أن
مشکلات تعريف الإرهاب تتعلق بارتباطه بالوصف الذي تطلقه وسائل الإعلام للمنظمات الإرهابية،…. والذي يؤدي فيه الموقف السياسي الذي يتبنونه دورا كبير..

أن استخدام أوصاف لغوية مختلفة لإطلاقها على عناصر تلك المنظمات منها على سبيل المثال إرهابيون، ومخربون، انقلابيون، وعصاة، ومنشقون، ومتمردون،
وجنود تحرير، ومناضلون، وما شابه ذلك، ما أدى إلى عدم وضع تعريف محدد للإرهاب، كما أدى إلى اختلاط صور العنف السياسي المشروع بالإرهاب غیر المشروع، وفق رأيها..

وحول تلاعب الساسة بالتصورات المتعلقة بالإرهاب السياسي بأن “النتائج تشير إلى أن السياسيين يستطيعون التلاعب في تصورات الإرهاب من خلال
تأطير حوادث العنف بطرق معينة لتحقيق مصالح شخصية معينة ، عن طريق التحكم بالخطاب الإعلامي بطريق مباشر أو عن طريق وكلاء من الإعلاميين..

ثمة ثلاث استراتيجيات مختلفة للتعامل الإعلامي” للخريطة” الإدراكية للمجتمع ، وهي التوظيف والتعديل والتنميط، فعند طريق تحليل الخريطة الإدراكية للمجتمع
ويمكن جيدا صياغة الرسالة الإعلامية بحيث تتناسب مع تلك الخريطة لتكون حقا أكثر تأثيرا ولتحقق مستوى مرتفعا من الاستجابة، وأيضا عدم تهميش القدرات
الدفاعية لدى المتلقي العادي بدرجة كبيرة.

البحث لم يتناول أيضا “الاختلاف” بين الأفراد أنفسهم في رؤيتهم وتعريفهم للإرهاب فما يراه البعض إرهابا، يراه البعض الآخر عملا مشروعا، وبالتالي:
لم يوضح الأسس التي يستند إليها كلا الطرفين في رؤيتهم للإرهاب أو الإرهاب السياسي..

إن الدراسة تتعلق بالوقت الراهن ما يعني أن الصورة الذهنية عن الإرهاب السياسي قد تتغير خلال السنوات القادمة، وكلها أمور تحتاج إلى مزيد من الدراسات في
المستقبل.

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

لماذا نُفضّل بعض أبنائنا عن الآخر؟

    لماذا نُفضّل بعض أبنائنا عن الآخر؟   في عمق النفس البشرية، تتداخل مشاعرنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *