الأحد , ديسمبر 22 2024

ستظل خالداً

 

ستظل خالداً

 

▪️ مقال للأستاذ/ محمد محفوظ بن سميدع

من صفوف جيش حيدر اباد تدرب وأجاد، وفي صفوف جيش النظام بالمكلا برز، وفي القوات المسلحة تدرج في الرتب، حتى وصل أعلى رتبة عسكرية في جزيرة العرب بدرجة لواء، بعد أن قدّم كل معارفه العسكرية ليُسهم في إنشاء قوة عسكرية مدربة ومنظمة ذات إمكانيات كبيرة أسهمت في نشر الأمن والاستقرار في ربوع الوطن الحضرمي وليُسجّل اسمه ضمن الخالدين في تاريخ حضرموت العسكري .

ذلك هو القائد العسكري الجسور اللواء صالح بن يسلم بن سميدع السكرتير الحربي للدولة القعيطية الحضرمية.
لم يقتصر عمله في العسكرية فقط فقد أسهم في مجال التربية والتعليم التي كان يعتبرها مجاله الثاني، فكان من مؤسسي مدارس أبناء البادية للأولاد والبنات وأدخل لها النظام العسكري الصارم، وساهم في إنشاء العديد من المدارس الأخرى .

وكان له دور بارز في مجال الإغاثة الإنسانية إبّان سنوات المجاعة التي ضربت حضرموت في الأربعينات من القرن الماضي.

كان رجل عسكري من الطراز الأول سخّر كل خبراته وخدماته لوطنه حضرموت، وكان وفيا لدولته مدافعا عنها وعن قَسمه وشَرفه العسكري حتى آخر رمق …

لم يبحث عن جاه أو مال أو أي ارتباط خارجي غير الوفاء لدولته وبالفعل كانت الدولة القعيطية الحضرمية وفيّة له، وقدمت له كل الامتيازات والرتب مقابل الوفاء بالوفاء وكان من أوفى الرجال، كما وصفه السلطان غالب بن عوض القعيطي في حديثه الأخير مع الأستاذ صالح الفردي ،،مجلة حضرموت الثقافية،،

واليوم ونحن نحتفل بالذكرى ال 48 لإعدامه وهنا أكررها نحتفل فقد أوصانا رحمه الله بأن نحتفل ولا نبكي على فراقه فقد حكى لي عمي فائز بن صالح قائلا عند زيارتنا الأخيرة له في سجن المنورة قبيل أيام من إعدامه لاحظ خروج الدمع من عيني قال لي رحمه الله لا تبكي فإن أعدموني سأذهب شهيداً إلى لقاء ربي فالبكاء ليس من شيم الرجال افتخروا بي واجعلوهم هم من يبكون ..وسيبكون كثيرا في قادم الأيام.. رحمك الله أيها القائد المقدام الشجاع المؤمن لم تأهب الموت لأنك واجهته كثيراً خلال مسيرتك المشرفة في ساحات الشرف والبطولة وأنت تدافع عن وطنك حضرموت.

لقد كان القائد بن سميدع أحد أهم أعمدة الدولة القعيطية الحضرمية وركائزها الهامة وواحد من العسكريين والسياسيين المخضرمين التي يعتمد عليهم السلطان وكان له الدور البارز في علاقة الدولة بالقبائل الحضرمية لما له من سمعه طيبة لدى القبائل والتقدير والاحترام فهو واحد منهم ورجل لا يخاف في الحق لومة لائم، وكل مخاطبات الدول مع القبائل تتم عبره ويحظى بمنزلة رفيعة لدى الأسرة الحاكمة كما كانت علاقتة مع المستشارية البريطانية علاقة الند بالند والاحترام المتبادل وكان كل القادة البريطانيين المتواجدين في المكلا يؤدون له التحية العسكرية ما عدا المستشار البريطاني .
وارتبط بعلاقات جيدة معهم بعد أن عرف طريقة التعامل معهم .
حتى أن الميجر جونسون مساعد المستشار البريطاني قال للقائد بن سميدع أثناء التحضير للمؤتمر القبلي في عهد السلطان غالب بن عوض في بداية العام 67م ياقائد صالح انته تجمع القبائل لحضور المؤتمر ونحن غير مرتاحين لهذا المؤتمر فرد عليه القائد صالح بن سميدع لاعليكم بأس المؤتمر لتوحيد الكلمة ومناقشة هموم البادية والأمر داخلي بين السلطان وقبائله فرد الميجر جونسون أنا معجب بك لكن لا تعمل لنا مشاكل .. وضحك الاثنين وهذا مسجل في مذكرات المرحوم عن ملاحظاته حول المؤتمر القبلي يوم انعقاد المؤتمر ومسجل أمامه ملحوظة ،،كتب فيه يقول هذولا الأوغاد،، وكان يقصد بها الإنجليز .

وكان القائد بن سميدع قد كُلّف مع عدد من النواب في الأولية بالإعداد والتحضير لعقد المؤتمر القبلي وجاء انعقاد الموتمر القلبي لأول مرة بحضور جميع عقال ومقادمة القبائل الحضرمية والمناصب والمشائخ والسادة وكان تجمعا كبيراً بمثابة البيعة والتأييد للسلطان غالب بن عوض بعد توليه الحكم وإجماع للأمة الحضرمية برغم معارضة بعض الأحزاب له وتحفظ البريطانيين وأصدر القبائل المجتمعين بيان أكدوا فيه وحدتهم وتلاحمهم مع قيادتهم ونبذ التفرقة وكل أشكال التدخل في الشأن الحضرمي من ما أزعج بعض التيارات المعارضة التي عملت في الخفاء لإفشال المؤتمر القبلي ولكن محاولاتهم فشلت أمام تلاحم القيادة والشعب وحسن إدارة المؤتمر وشكل صفعة قوية لهم وجعلت البريطانيين يراجعون الكثير من حساباتهم …

لقد كان القائد بن سميدع عنصراً هاماً في الدولة وهو ما جعل السلطان غالب يوليه الثقة الكاملة برغم أن القائد بن سميدع كان قد تقدم بطلب لسلطان غالب إعفاءه وإحالته إلى التقاعد لحالته الصحية غير أن السلطان غالب رفض رفضا قاطعا كيف وهو يعتبره سنده والمرحلة تتطلبه وأوكل إليه قيادة الجنة العسكرية لوضع التصورات للدفاع عن حضرموت في حال تعرضها لهجوم خارجي خاصة من الغرب ،،كما ذكر ذلك السلطان في مقابلة له مع مجلة حضرموت،، وأمره بالاستمرار في قيادة لجنة الطوارئ .

بعد السابع عشر من سبتمبر 1967م التزم بيته وطلب إعفائه وتقاعده …لكن النظام الحاكم الجديد بقيادة الجبهة القومية اعتقله انتهت بإعدامه مع رفيق دربه النائب بدر الكسادي ويعتبر الاثنين رفقاء درب ومن أبرز القيادات في الدولة القعيطية الحضرمية وكانا قد عارضا تسليم السلطة للجبهة القومية، وهضمت حقوقهم وصودرت ممتلكاتهم وهذا أسلوب النظام الشمولي أنهم رجال سجلوا أسمائهم بأحرف من ذهب في تاريخ حضرموت الحديث وصلوا إلى مراتب عليا في الدولة لا ينكرها أحد فإن لم يجدوا تكريما في الدنيا سيجدونه عند الخالق العادل رحمهم الله جميعا..

أن السلطة المحلية الحالية مطالبة بإعادة الاعتبار لكل القادة والروّاد الأوائل من وضعوا بصماتهم في التاريخ الحضرمي في شتى المجالات فهم أبناء حضرموت قبل كل شيء ولا يستطيع أحد أن يلغي تاريخهم مهما كان.

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

الدكتور فهمي فرارة: أحد صنّاع عهد التميز لنادي الوطن ..

    الدكتور فهمي فرارة: أحد صنّاع عهد التميز لنادي الوطن .. داود الكثيري عندما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *