الأحد , ديسمبر 22 2024

حضرموت وبوصلة صوتها

 

 

حضرموت وبوصلة صوتها

 

▪️ مقال للأستاذ/ أمين بن كده الكثيري

في السنوات الكالحات، وعلى مدى أكثر من خمسة عقود من الزمن، كانت الفواجع أكبر مما نتصور، اتسعت المحنة حتى ضاقت العبارة طمس للهوية وتزييف للتاريخ وتحريف قتل وتشريد، سحل وتنكيل، نهب وتهميش ، ضنكٌ في العيش، وفسادٌ في الذمم، وشعبٌ أصبح هائماً في الخارج وحائراً في الداخل وبين هذا وذاك.. مازال منّا من يلهث باستمرار في مناصرة من فعلوا بنا كل الويلات، ومن يريد رمي حضرموت شمالا تارة وجنوبا تارة أخرى بعيدا عن بوصلة استعادة الدولة الحضرمية المنشودة.

تسمو أحزاننا حيناً حتى تبلغ عنان السماء، ثمّ تخفت حيناً آخراً، لتنتظر حزناً جديداً يخرج من بطون التاريخ.
في هذه السنوات الكالحات، رحل عنّا أعزّاء وما زالوا يرحلون من قبل أن يشهدوا اليوم الذي أفنوا أعمارهم من أجله وتمنّوا أن يروه..

رحل عنّا الذين اغتالتهم الأيدي الآثمة في بيوت الأشباح الساحات والطرقات..رحل عنّا شباب غض، كانوا من البراءة بمكان، رحل عنا من خُطف ومن اغتيل ومن سُحل، رحل عنّا رجالا شامخة كالطود الأشم، وما تزال في آذاننا بقايا من وصايا، وبكينا وطناً يرحل ثُلثه بلا مجيب، وضحاياه بعدد الحصى والرمل والتراب..

رحل عنّا بل يرحل كل يوم عدد من الأخيار في بلادنا، وما تزال نفس الوجوه تجثم على صدورنا، مرت السنوات الخمسون وما يزالون عطشى للسلطة، لم يرتووا وقد مصَّوا ضرعها حتى جفَّ وتيبس.

ليعلم شعب حضرموت أنه بعيدا عن استعادة الدولة الحضرمية سيظل المرتزقة يعيثون فساداً، وسيظل القتل فينا وسيبقى الفقر ينهش عظام البسطاء من أهل حضرموت، وستبقى الأمراض تفتك بالناس، صغارهم وكبارهم، بالتلوث وغير التلوث ، وستصبح مؤسسات التعليم في حضرموت فارغة كجوف أم موسى، وستستمر الأحوال المعيشية في حضرموت في سباق مع البؤس والترد، وبفضل المرتزقة من أهلها سيصبح أيضا المواطن الحضرمي مشروعاً للتخلّف، إذا استبقى نفسه داخل أسوار حضرموت مات كما تموت الوحوش في أحواشها، وإذا خرج طأطأ رأسه في بوابات المطارات خشية أن يُتهم بما ليس فيه.

هذا ما سنجنيه من التبعية وما ستجنيه حضرموت
بغضّ النظر عن ما آلت إليه الأمور وما ستأول إليه،
هل سنرى صوت حضرمي ورسالة حضرمية تجمع الحضارم بمختلف مكوناتهم وشرائحهم على أنهم أصحاب حق وأصحاب هوية اغتصبت وسُلبت وتاريخ طُمس وحرّف ولابد اليوم من إعادة مجده.؟!

وهل سيهتدي الحضارم لمعرفة الطريق الأسلم والأقصر لترجمة الصوت الحضرمي الخجول إلى واقع على الأرض حتى تصل الرسالة بشكل أوضح لمن لا يريد اليوم أن يستوعبها وقطع الطريق على من يحاول أن يُجهض هذه الأصوات في بدايتها وقطع الطريق أيضاً على أي محاولة قادمة لتفتيت البيت الحضرمي.؟

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

الدكتور فهمي فرارة: أحد صنّاع عهد التميز لنادي الوطن ..

    الدكتور فهمي فرارة: أحد صنّاع عهد التميز لنادي الوطن .. داود الكثيري عندما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *