( هبّة العيون الحضرمية أدمت مُقل المتنفذين )
بقلم : أ. سالم باوزير .
المكلا : ٢٠ فبراير ٢٠٢٢م.
نعم إنها هبّة العقلاء وليست هبّة السفهاء، فمن آزرها ليسوا عوام المجتمع فقط كما هي العادة في السابق بل حتى الخواص ونخب ومثقفي المجتمع، لذلك هي مهابة ممن لا يضمر الخير لحضرموت من المتمصلحين بثرواتها بغير وجه حق ومن المسؤولين الفاسدين الذين يسعون خلف مصالح شخصية على حساب المصلحة العامة للبلاد والعباد !
لذا لايتوقع احد منا أن طريق هؤلاء الرجال سيكون مفروشا بالورود !
لكن سنن الله مع الصبر والجلد سيأتي النجاح والتوفيق ، فلو صبر رجالها وبقيت على زخمها الجماهيري كما نراه الآن فبإذن الله سيتحقق لحضرموت من المكاسب مالم يتحقق لأي حراك أجتماعي سابق ، وستلبى مطالب المجتمع الحضرمي بنسبة كبيرة إن شاء الله .
الأولوية الأهم اليوم في تجنيب هذه الهبة حقول الألغام التي يسعى أعداؤها لزرعها في طريقها ، لذلك يتحمل الرجال العقلاء المخلصين لهبتهم ومجتمعهم مسؤولية أدارة وقيادة هذه الهبة في هذه المرحلة الحساسة من عمرها المديد إن شاء الله ! .
وفي تصوري أن الهبة في بدايتها أثبتت وجودها اجتماعياً ، لكنها لازالت لم تفرض نفسها على السلطة المحلية والحكومة والرئاسة والتحالف ، فلازالت تلك الأطراف تنظر إليها بريبة ، وهي لن تتورع عند تهديد الهبة لمصلحة أحد هذه الأطراف أن تتصرف بحماقة كاللتي تصرفت بها ، باعتقال رجال الهبة السلمية بغير مسوغ أمني أو قانوني، عندما خافوا أن تتسبب لهم بأزعاج وقلق وقت تصدير شحنه البترول ! .
وأظن أن هذه الحماقة ربما ستتكرر طالما لازالت الهبة ليس لها ظهير تخشاه هذه الأطراف !
لذلك فمن الحكمة في هذه المرحلة أن تهتم إدارة الهبة بالحرص على توسيع وتقوية وجودها وتأييدها على المستوى المحلي والأقليمي والدولي ، حتى لا يتجرأ أحد على التعامل معها بالطريقة التي سبق وتعاملوا بها ! .
وأتصور أن هناك نقاط يجب التركيز عليها للوصول لتلك النتيجة بأستخدام القوة الناعمة التي لها تأثير أكبر من غيرها ، وأهم تلك الوسائل :
– الأستمرار في نهج السلمية في موضوع التصعيد ، لتحافظ على قانونيتها الدستورية ، وتفويت الفرصة على من يريد جرها للعنف حتى يجد المبرر لتصفيتها وإنهائها .
– التركيز على التوعية بالقضية الحضرمية :
محلياً : بتوعية المجتمع بحقوقه المحروم منها وبتاريخ وحضارة وخصوصية حضرموت الحقيقي وفضح التشويهات التي حرصت السلطات السابقة على نشرها بقصد أبعاد الأجيال الحضرمية عن الأنتماء والأعتزاز بهويتهم وحضرميتهم وتوجيههم للهوية اليمنية لتكون البديل الحاضر أمام أعينهم !
خارجياً : وبأستخدام كل وسيلة من الأعلام الحديث وعبر وسائل التواصل الأجتماعي لشرح القضية الحضرمية ومظلمة الحضارم وحرمانهم من حقوقهم المادية والمعنوية ومن ثروات بلادهم التي يتمتع بها الغريب ويحرم منها أهلها ، وبطرق كل الجهات والمنظمات الدولية ومراكز الدراسات والهيئات السياسية والدبلوماسية، بمعاونة المتخصصين ودعم أبناء حضرموت في المهجر الذين لهم علاقات يمكن استثمارها لأيصال صوت حضرموت لكل كيان ومكان .
– تركيز المطالب والتذكير في هذه المرحلة محلياً على الجانب الحقوقي الذي سيكون بالنسبة للمجتمع العامل المشترك الذي سيجمع فئات المجتمع المختلفة في توجهاتهم ، وتأجيل المطالب السياسية التي ستفرض نفسها بشكل آلي مع تحقق النجاح للهبة ورجالها ، هذه الأستراتيجية تطبق للرسائل الموجهة للحراك الداخلي للحفاظ على تماسك الجبهة الشعبية الداخلية ، أما خارجياً فلابد من من بعض التفاصيل والتطرق للجانب السياسي للتذكير بالقضية الحضرمية المغيبة كلياً عن واقع قضية البلاد خصوصاً أنه منذ الأستقلال لم يسمع العالم الخارجي أن لحضرموت قضية ، وليدرك العالم حجم الظلم والأنتهاكات التي تعرض لها المجتمع الحضرمي لكسب التأييد لحراك المجتمع في هبته لنيل حقوقه !.
– يجب بناء علاقة بين أدارة الهبة الحضرمية والكيانات المجتمعية والمهنية والعلمية وممثلي حضرموت في المجالس العامة ، هذه العلاقة تكون مع من يتفق ومن لايتفق مع الهبة وأساسها التكامل والتعاون في سبيل مصلحة المجتمع الحضرمي .
ومن الضروري أن يكون لأدارة الهبة الحضرمية أستراتيجية للتعامل مع هذه الأطراف :
* أولاً : السلطة المحلية :-
لابد من تجنب الصدام مع السلطة المحلية وأجهزتها التنفيذية ، ولابديل عن الحوار معها ويمثلها المحافظ ، ومحاولة أقناعه بالشراكة والتعاون الذي سيعود على الجميع ( سلطة ومجتمع ) بالفائدة ، مع الحذر من أحتواء السلطة لقرار الهبة ، فالهبة مرجعيتها المجتمع المتظلم والسلطة مرجعيتها الحكومة المقصرة في واجباتها ، ولكن بتعاون يثمر بنتائج في مصلحة الجميع ، ومنها في مجال :
• وجود طرف من خارج إدارة المحافظة يذكر بالسلبيات التي تحدث على المجتمع ويتضرر منها ويحسب على سوء الإدارة من المحافظ وجهازه التنفيذي ، وهذا سيحسن الأداء ويجنب الأخفاقات .
• وفي مجال تقوية موقف المحافظ ومطالبة من الحكومة التي لا تجد الأهتمام الكافي كعامل ضغط مساعد لأقناع الحكومة للأستجابة لمطالب المجتمع .
• وفي مجال مكافحة الفساد الذي هو عدو كل نجاح وأنجاز ، عندما يكون هناك رصد وفضح للفساد والفاسدين ، من طرف آخر لاسلطة للمتنفذين عليه .
• وفي مجال تنمية المحافظة وتشجيع الاستثمار ودعوة رأس المال الحضرمي في المهجر ، وهذا لن يحدث مالم يطمئن هؤلاء المستثمرين بتعاون السلطة المحلية مع حراك المجتمع .
* الرئاسة والحكومة :-
يجب أن تدرك هذه الجهات المسؤولة عن حضرموت أن المجتمع الحضرمي جاد في أنتزاع حقوقه ، وأن مطالب الحضارم المهضومة لن تكون بينهم وبينه فقط، لأن الصوت الحضرمي سيفضح كل الممارسات على المستوى الدولي ، فلن يكون ألحضارم هم الخصم ، بل أن الكثير من الجهات الدولية التي تحرص الدولة على كسب ودّها ستطلع على سوء أدارتها وفساد مسؤوليها ، لذلك يجب أن تلبي مطالب المجتمع الحضرمي المشروعة .
* دول التحالف :
ايضاً لابد من التواصل مع دولتي التحالف ومع أعلى مستوى من مسؤوليها ، وتوضيح موقف المجتمع الحضرمي الذي يكن لهم المحبة والتقدير والمؤيد لمواقفهم ومخاوفهم الأقليمية ، ولابد من شرح قضية حضرموت وشكرهم على وقوفهم مع الجنوب لأسترجاع هويته ، لكن ايضاً لحضرموت هويتها المستقلة ، لذلك ليس من العدل فرض الهوية الجنوبية على الحضارم المعتزين بهويتهم ، لذلك لابد من أحترام خصوصية حضرموت ، ولايغير ذلك بالنسبة للتحالف شيء طالما لن تخسر تأييد المجتمع الحضرمي ، بل سيزيد من تأييدهم لهم وشكر موقفهم .
* القوى الدولية التي لها علاقة بالملف اليمني :
وهذه الدول يهمها بالدرجة الأولى الأطمئنان على مصالحها قبل أي شيء آخر ، لذلك لابد من أن تصلها رسائل أن هذه الهبة حراك مجتمع يطالب بحقوقه المشروعة ، وأن خلف هذه الهبة مجتمع مدني بطبعة محب للسلم ويؤمن بمبدأ تبادل المنافع ، ويحرص على مصالح الآخرين أكثر من حرصه على مصلحته ، لذلك يتمنى عليهم مساندته في مطالبه وحقوقه المشروعة .
وإذا افترضنا لاسمح الله، أن فشلت هذه الأستراتيجية ولم يحصل أبناء حضرموت على مستوى مقنع لهم من حقوقهم ، وبعد هذه المراحل التي من شأنها تقوية كيان الهبة وزيادة التفاف شرائح المجتمع حولها ، بالأمكان تغيير الأستراتيجية والوسائل لفرض واقع جديد ، لكن هذا التغيير ليس من الحكمة أن يكون في هذا التوقيت !