يبدو إن الجهل نال من العقول مبلغه وأكثر، وراح يزحف إلى ما قبل الحضارة ، ليغدو شعب ذُكر في القرآن بحضارته سلفًا إلى حفنة من المصفقين الجهلاء للصوص وسارقي الكرامة .
لازال الشعب تقوده عواطفه الجياشة والخاوية من النضج أو حتى التريث ، فمجرد ما أن يقف رجل يلف حول عنقه شريط النفاق ويمضي بالكلام المبهرج أمام منصة خِطابة ويخطب بصوتٍ يحاول على قدر استطاعته بأن يبدو جوهري ومؤثر ويبدأ بالجملة الشهيرة ( يا شعب اليمن العظيم )
وبعدها يخيط من زخرف الكلام الوعود الزائفة ثم نجد من يصفقون له بحرارة ويهتفون باسمه في الشوارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي !
وهنا يصبح السؤال .. أين العقل الذي يتعلم من أخطائه ؟
وإلى متى..!؟
إلى متى سيظل هناك من يصفق ويصفر لهم بعد إعطائه حفنة من الوعود الخالية من صدقها ..!؟
متى سينضج الشعب ويكفف دموعهِ ويبتلع جراحه!
ويكف عن الانجراف وراء عواطف الجماهير المفتعلة والمندسة من قبل من لا هدف له سوى إعمار جيوبه الأمامية والخلفية .
ولو إن العقول كانت مؤسسة بالشكل السليم الذي ينبغي لها أن تكون عليه لما تخللها وتملكها خطاب رديء، كلماته مستهلكة وغير منطقية ، و لو إن الوعي حاضر بين أفراد المجتمع ما ارتضى أن يقتل بعضه الآخر..
أفلم يفكر الآباء يوماً لمن يقدمون فلذات أكبادهم شهداء!!
وأي شهادة هذه!
لو أنّ الحكومة بذلت قصارى جهدها في بناء العقول لما وجدنا اليوم من يصرخ باسم شخص يتحدث من خلف شاشة يحرضه ليقتل اليهود والأمريكيين في مأرب..!
ولما رأينا شباب تُزعزع أمن مدينتها لأجل مطالبها التي تعد حق ،
ولما كان الحل الوحيد هو الانقسام ، ولما كان الكلام والخطب مؤشر يقاس به صدق المتحدث!
ولما ساد الصمت في ظل التمزق على يد الغرباء الذين مبلغ همهم التهام أكبر قدر من الكعكة .
إنّ ما يحتاجه اليمن لينجوا من وضعه الكارثي هذا هو العقل لكنهم وضعوه في إحدى أدراج الثلاجة وخرجوا ليرتدوا عقول من يسعى لمصلحته أولًا
ثم الطوفان من بعده لاحقًا .
أكثر ما أود أن أذيل به هذا المقال أنه يجب علينا الجهاد في سبيل رفع الوعي المجتمعي وإخراج العقول من أدراجها وإعادتها للحياة ، أن نُكسب البسطاء عقل ناقد يستطيع التعامل مع كل شخصية سياسي تطفو على الواجهة الإعلامية بعقل ومنطقية وبنضج وكذلك ترقب .. أن يمنح نفسه فرصة لتقيمه وإن كان كفء ليصرخ باسمه أينما ولى .
أفلم نكتفي من الخذلان على يد الخونة ؟!
ألم نتعلم بعد من الدروس القاسية؟!
وقبل أن نخوض مع أي شخص ثم نعقبه بسيل من الشتائم والتهم ، نضعه تحت المجهر قليلاً فإن قدم للوطن وأدّى ما كان ينبغي عليه أن يفعله وإلا فإنه لص آخر لا أكثر.
لا ينبغي لنا أن ننتظر حتى تسقط الأقنعة بل من حقنا خلعها فوراً.
✍🏻سارة عبدالله