احكموا بيننا بصدق
/فائز الصيعري
إبّان حكم سلاطين حضرموت ، كان لطائلة الحموم المقدم حمد سالم بن حبريش صديقا له هو السيد ابن عبيدالله السقاف ، وكان يميل له لمحاربته الاحتلال الاجنبي للقطر الحضرمي ، في أحد الأيام نزل السيد ابن عبيدالله في ضيافة المقدم ابن حبريش ، واجتمع اليهم البدو ، فاستفتى أحدهم السيد في مسألة شرعية ، فاستأذن ابن حبريش -وكان رجلا أميا لا يقرأ ولا يكتب- السيد في الاجابة على الرجل .. فأجاب عليه .
فقال له السيد ابن عبيدالله لقد وافق جوابك الحكم الشرعي للمسألة فكيف عرفت جوابها ؟
فقال ابن حبريش انما حكمت بالصدق ولا أظن أن الصدق يخالف الحق .
تلك الواقعة التي رواها لي أحد رجالات الحموم ، تجعلنا نقف مليا أمام واقعنا اليوم ، وكيف نحن نحكم في الأمور التي تحدث من حولنا ، هل نحكم عليها بالصدق ؟ أم أننا نحكم عليها بما يوافق هوانا ؟ ، وما تدور عليه مصالحنا ؟
فقد قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -: “عليك بالصدق وإن قتلك”..
وقال أيضا : “لأن يضعني الصدق – وقلّ ما يفعل- أحب إلي من أن يرفعني الكذب، وقلّ ما يفعل”.
وكلنا يعلم أن كلام الفاروق قد وافق كلام الله سبحانه وتعالى في مواضع كثيرة .
فكم نحن اليوم أحوج لأن يتعامل بعضنا مع بعض بصدق ، فالصدق هو الحق ، والحق لا يضيع صاحبه ، وكم نحن بحاجة الى التجرد من أغلال الأنا ، وشيطان الهوى ، وأطماع الدنيا ، حتى يتوافق قولنا وفعلنا مع الحق ، فنكون مع الجماعة ، ونبتعد عن التفرد في الرأي ، فآفة الرأي الهوى ، واتخاذ شعار ما أريكم إلا ما أرى .
وبينما نحن اليوم في مرحلة مفصلية من تاريخ حضرموت ، وذلك بإعلان مجلس حضرموت الوطني ، كاستحقاق وطني حضرمي طال انتظاره ، فإننا نناشد جميع رجالات حضرموت بأن يحكموا في الأمور بصدق ، ويتعاملوا فيما بينهم بوطنية ، ويؤثرون بعضهم على أنفسهم ، لا بالسياسة التي تقدم المصالح الخاصة على مصلحة الوطن ، فحضرموت تستحق منا أن نغلب وطنيتنا لأجل مستقبل أجيالنا ، وحتى يكتبنا التاريخ نحن الخلف في أجمل صفحاته مع السلف
.